أحب أن أذكّر من ينادون بثورة ثانية في 25 يناير القادم، أن النظام هو الأصل، والثورات حالة شاذة في تاريخ الأمم.. والشاذ لا يعمّم ولا يقاس عليه، لهذا لا يمكن تقنين الثورات، وإلا دخلنا في سلسلة متوالية من الانقلابات والثورات على الثورات، تفضي بنا إلى وضع أسوأ من وضع الصومال (دولة منهارة فاشلة).
وأرجو من الدعاة السلفيين خاصة، ألا يتحرجوا من تذكير الناس بالأحاديث النبوية الشريفة التي تأمر بوجوب السمع والطاعة ولزوم الجماعة، والأحاديث التي تحذر من المشاركة في الفتن والانقياد وراء الشائعات التي يروجها المخربون، وعليهم ألا يخافوا من اتهامهم بأنهم فقهاء السلطان، فليسوا هم من وضع هذا الدين، وإنما هم يتبعون شرع الله وسنة رسوله، كما أن تاريخهم يشهد لهم بمقاومة الظلم بكلمة الحق، ودفع الأثمان الباهظة بسبب هذا.
فإن كان الناس خرجت على الحاكم الظالم بعد طول صبر، فهذه سنة كونية من سنن التدافع، لكن بعدها يميل الناس إلى السلم، ويبايعون من يثقون بنزاهتهم وحكمتهم وخبرتهم بعد أن اختبروا طول صبرهم على البلاء، ولا يسلمون أمرهم وقيادتهم إلى شباب متهور يستلذ الثورة والهدم والتدمير، فلكل مقام مقال، ولكل مهمة أدوات، ونحن نستخدم المعاول لهدم البيوت المتهالكة، لكننا لا نستخدمها لبناء الأبراج الجديدة!
كل هذا أكدته لنا صناديق الاقتراع في الانتخابات الحرة النزيهة التي شارك فيها لأول مرة أكثر من 27 مليون مصري.. فأرجوا من الشباب أن يجيدوا قراءة هذه النتائج، ولا يكونوا من الأميين الجهلاء الذين يبخعون أنفسهم من أجل تدمير الدولة على الجميع، وكأنهم يتمثلون قول شمشون: "علي وعلى أعدائي يا رب"، إلا أن أعداءهم في هذه الحالة هم جيش وطنهم، وأهلهم وإخوانهم من أغلبية الشعب المصري!!
هناك من يريد التخريب ولا يريد اكتمال الحرية
ردحذف