ألن تنتخب شفيق؟.. لقد انتخبناه بدلا منك!!

ألن تنتخب شفيق؟.. لقد انتخبناه بدلا منك!!

في اليوم السابق للاستفتاء على فترة الرئاسة الخامسة لمبارك عام 1999، كنت في القاهرة لأتسلم درع وزارة التعليم العالي عن فوزي بالمركز الثالث بمسرحية "لحظات عصيبة".. حدث خطأ وذهبت متأخرا ـ لحسن حظي ـ لأني كنت أنوي ألا أصافح الحقير فاروق حسني، وكان يسلم الجوائز مع د. مفيد شهاب، وبالتأكيد كان هذا سيسبب مشكلة.. وبسبب عدم حضوري، جعلوا طالبا آخر يتسلم الجائزة باعتباره أنا، تبعا لسياسة: "كله تمام يا أفندم"!!

في تلك الليلة، ذهبت للمبيت عند صديقي سامح النجار، في بيت مواجه لأسوار القصر الجمهوري في حدائق القبة.

كنت أشعر بغضة مريرة وأنا أتأمل تلك الأسوار العالية، وأنا أعرف أن التزوير المعتاد سيحدث في الغد، وأن الناس راضية عن هذا، أو على الأقل لا تهتم.. شعور قاتل بالعجز، كأنني أصرخ في شعب أصم أعمى يسير إلى الهاوية ضاحكا سعيدا!!

كنت قد قررت أن أصوت ضد انتخاب مبارك.. بمجرد أن أعلنت هذا لأهلي وأنني أنوي استخراج بطاقتي الانتخابية، ظنوني مجنونا، واحتدم النقاش بيننا، وأسمعوني كلمات قاسية، وأنذروني بأن مجرد استخراج البطاقة الانتخابية سيزج بي في السجن!!

ورغم هذا استخرجت البطاقة، وصممت أن أقول لا لمبارك حتى لو كنت الوحيد في مصر الذي يفعل هذا.. رغم أني أعرف أن صوتي لن يغير شيئا!

في يوم الاستفتاء، ذهبت إلى إدارة الجامعة وتسلمت الجائزة التي تسلموها بدلا عني، ثم عدت إلى دمياط وذهبت لأدلي بصوتي في الاستفتاء.

وجدتهم قد أغلقوا الصناديق مبكرا.. وقال لي مسئول اللجنة:

-       ألن تقول نعم؟.. لقد قلناها لك!!

الآن أتذكر كل هذا ومبارك يرقد في سريره في مستشفى سجن طرة، فأوقن أن الله يمهل ولا يهمل، وأن دعوات المظلومين مجابة لا محالة.. لكني أتذكر أيضا أن مدمني العبودية من الشعب المصري من الأجيال القديمة سيصوتون لشفيق، وأن مدمني السلبية من الأجيال الجديدة سيمتنعون عن التصويت، وأن المتعطشين للفوضى من الذين لا أمل لهم في الوصول إلى الحكم إلا على جثث المصريين، يتلمظون انتظارا لفوز شفيق لتدمير مصر على رؤوسنا.. أتذكر كل هذا، فأدعو الله أن يهدي الجميع إلى الاختيار الصحيح، لكي لا نعيد فتح صفحة الظلم الطويلة التي لم نكد نطويها، ولكي نجنب مصر مخاطر فوضى الله وحده يعلم إلى أي مدى يمكن أن تصل، ومتى ستنتهي!

أيها الشباب: لقد حاولت أن أضع صوتي حينما لم تكن له قيمة، وحينما كان استخراج بطاقة انتخابية من مركز الشرطة تهمة في حد ذاته!!.. فكيف بالله عليكم تكتمون الشهادة اليوم بعد أن أصبح صوتكم يقرر مصير مصر، ويمكن أن يقطع دابر شفيق وفلول نظام مبارك للأبد؟!