أيها المتصارعون: اجعلوا
الشعب يحكم بينكم
لتعليق الجرس في رقبة القط، أطالب د. مرسي بأن
يصدر قرارا عاجلا بدعوة الشعب المصري للتصويت على إعلانه الدستوري.. وبهذا يفض
النزاع بين المختلفين، بالاحتكام إلى الشعب مصدر السلطات.
طبعا أتوقع أن يرفض هؤلاء المخربون الاحتكام
للشعب (كما فعلوا في كل المرات السابقة)، لأنهم يعلمون أن الأغلبية ستصوت لصالح
الإعلان الدستوري.. فإن رفضوا الاحتكام للشعب، فسيعلم الناس جميعا (إن كانوا لا
يعلمون فعلا) من الذي يحتقر الشعب ويرفض إرادته ويريد تخريب مصر وهدم المؤسسات
بالإصرار على إفشال الحكومة وفرض وصايته على اختيارات الناس، وتحريض الجيش على
الانقلاب على الرئيس المنتخب..
وعلى الجميع أن يعلموا أن هذه الدنيا توجد بها طريقتان
لا ثالث لهما لحسم النزاع بين الأفكار المتعادية التي يستحيل توافقها: الطريق
السلمي بالاحتكام للصندوق، والطريق الدموي بمحاولة كل طرف فرض رأيه بالقوة والعنف.
لقد حذرت مئات المرات طوال العامين السابقين من
انزلاقنا إلى الحرب الأهلية، في كل مرة أرى فيها من يرفضون نتيجة الصندوق، ومن
يصرون على هدم المؤسسات القائمة وتعطيل بناء المؤسسات الجديدة.. ولكن يبدو أن
الطرف الآخر أصم أو مجنون، لا يفهم تحذيراتنا!
يا د. مرسي: أبرأ ذمتك واحتكم للشعب عبر صندوق
الاستفتاء، فبعد هذا لن يلومك أحد لو اتخذت كل الإجراءات اللازمة ضد الخارجين على
الشرعية وإرادة الشعب.
ملحوظة:
مرة أخرى أدعوكم لقراءة مقال "ورطة
الديمقراطية في مصر" الذي كتبته أثناء الثورة قبل تنحي مبارك، وقراءة كل
مقالاتي التي أيدت فيها تعديل الدستور في 19 مارس، ورفضت فيها دعوة "الدستور
أولا"، وتبنيت شعار "تعديلات في اليد خير من دستور على الشجرة"، وقلت
إن وضع دستور جديد ليس أمرا سهلا، فمن المستحيل التوافق بين العلماني الشيوعي والعلماني
الليبرالي والإسلامي، ودعوت لتأخير وضع الدستور لعشر سنوات على الأقل، تكون فيها
إرادة الشعب المصري قد تبلورت في أكثر من انتخابات تشريعية ورئاسية، لأن وضع
الدستور الآن سيدخلنا في صراع بين الشيوعيين والليبراليين والإسلاميين، بسبب
محاولة كل منهم فرض رؤيته على الشعب المصري.. وقد اقترح د. معتز بالله عبد الفتاح
حلا وسطا، هو النص في الدستور الجديد على أنه انتقالي لمدة عشر سنوات فقط، لكي
يطمئن كل طرف أن هذه المواد ليست أبدية، ومن ثم يسهل عليهم تقديم تنازلات.
لهذا وللمرة المليار أطالب بتفعيل إرادة الشعب
في استفتاء 19 مارس، والإعلان عن عودة العمل بدستور 71 المعدل باستفتاء 19 مارس،
وإجراء انتخابات مجلس الشعب بعد شهرين من هذا القرار، وترك الفرقاء يتصارعون في
لجان وضع الدستور الجديد لسنوات وسنوات كما يشاءون، وحينما ينتهون منه يسلمونه
للرئيس الموجود حينها لطرحه للاستفتاء.
أو يمكننا أن نتبنى فكرة ثورية، بترك كل فريق
يقدم مسودة دستوره، ونترك الشعب في الاستفتاء يختار النسخة التي يريدها.
يا أيها المتصارعون: إن لم تجعلوا الشعب المصري
حكما بينكم، فسيصير العنف هو الحكم.. ومصر منهارة بالفعل بدون أي حرب أهلية.