المتابعون للمدونة

الاثنين، 24 فبراير 2014

هو الذي منّي


هو الذي منّي 
هذا الذي بي ليسَ حُزنا
إنّه أنا
وآهاتُ السّنينَ دَمِي
على راحةِ الشّوكِ أَرْتمي
يَحملُني الحُلمُ وتَخذُلُه رُؤاهْ
أمشي ولا أَسألُ عن مَغزَى مَداهْ
لأنَّ السّيْرَ – آخرَ مَمْـلكاتي –
في لحظةِ الغيبوبةِ العمياءِ يُضحيني أنا!
لا ولا حتّى أنا
أنتهي!
.......................
هذا الذي بي ليسَ شِعرا
حزنٌ؟.. ربّما!
والحزنُ - كما تعرفونَ - أنا
صوتُ خُطْواتِ مسيري؟.. ربّما!
والسّيرُ – كما تعرفونَ – يُضْحي: "أنتهي"
ولكنّي أسمّيهِ: بئرًا تَسقطُ اللّحظاتُ فيها
ذاتًا مِن الأحلامِ والذِّكرَى
مِن الحُزنِ والبَسْماتِ والتَّرحُّمْ
نفسًا تَنزفْ
أهْ.. نفسٌ تَنزفْ!
إنّي أتملّصُ في شِعري
أُضحيةً مَكْبولَةَ الأوصالْ
رُوحًا يُغلِّفُها الضّبابْ
أحلامًا تتساقطْ
(هوووه)!
أشياءٌ كثُرَتْ في لحظةِ أنا!
.......................
غدًا:
سأُمنّي نفسي
لا يَضجرْ منكمْ مَنْ عهِدوها
فالمرءُ يُحبُّ إذا أضناهُ الحُلمُ الكابي
أن يرتاحَ بحُلمٍ آخرْ
حمقَى!
وبهذا ـ أعتقدُ ـ نعيشْ
.......................
غدًا
أغنيةٌ أخرى في آذانِ الصُّـمّْ
يا ألفَ "غدًا": أين الحُلمْ؟
حسنٌ، سأقولُ:
غَــدًا
....................
غدًا ستَنبُتُ زهرةْ ... غدًا ستُزهـرُ فِكرةْ
أعـودُ مِلْءَ الدّنـيا إلي الأماني الحُـرّةْ
بلا مَـدىً مَحْـزونٍ،  بلا ليـالٍ مُـرّةْ
 
غـدًا أحبُّكِ نـايًـا  مُدنْـدنًـا ألْحـاني
أتـوهُ في عينـيكِ،  وفيـهما ألْقــاني
كـأنّـني غِـرّيـدٌ، وفيـهما أفْنـانـي
 
غـدًا بعيـدًا، يومًـا سألتـقي بفُـؤادي
أقولُ:  طُوبَى، إنّي عبـرتُ ذاكَ الوادي
ثَمِـلْتُ مِـنْ ترحـالي وما بحالي بادي
 
غـدًا غـدًا يا دنيا، إذا أتـى مِن صُبْحِ!
وكـفَّ عنّي ليـلِي مُحمَّـلاً بالـرِّبْـحِ
وكُنـتُني لا زلْـتُ ولمْ أمُتْ مِن جُرْحي!
..................
لمْ يكُنْ شِعْرًا
أمنيةً أخرى للأشجانْ
غنّتها نفسٌ مُتْرَعَةٌ بفُيوضِ الذّكرى
يا قلبي:


لو كنتَ ملاكًا!
أعلى من كلِّ أمانيِّ البَشَرِ الحَمقَى!
مِنْ أينَ يجئُ الحزنُ بغيرِ أماني؟!
حزني.. يا سيّدَ قلبي:
لا تَقنطْ أبدًا منّي
سأحبُّكَ يومًا حتمًا، حتّى يُبكيَني حزنُ وداعِكْ!
هاها يا حزنُ:
أحزنُ لوداعِكْ!
اهنأْ في جوفي
ستظلُّ بجوفي!
.......................
يا قلبي:
لو كنتَ مَبيتًا للأفراحِ المتشرِّدةِ الشّرّيراتْ!
لو كنتَ ملاذًا للحلْواتْ!
لا
لا تتركْ هذا الحزنْ
يحسُنُ أن يبقى للمسجونِ صديقْ
لكنْ يَكفيني أنْ أتمنّى
أحمقُ كجميعِ المخلوقاتْ!
لو كنتَ ملاكًا يا قلبي!
لو كنتَ ملاذًا للحُلْواتْ!
.......................
يومًا سأغنّي
في كفٍّ أحملُ كأسي
ليست من خمْرٍ، فالخمرُ حرامْ
كأسٌ مِن.. شيءٍ
لا يَحضرُ ذهني هذا الشيءْ
في الكفِّ الأُخرى كفُّ الحزنِ على صدري
مرحى.. هيه!
سأُراقصُ حزني!
فرحةُ خِلَّيْنِ بِذِكرَى أوّلِ لُقيا!
.......................
يومًا سأغنّي
وأراقصُ حزني
وسأدهسُ نفسي بالآلامِ لتعرفَ أنّ الفرحَ حرامْ
وسأنزفُ دمعَ عيوني،
أضحكُ كالشّرّيرِ بلا أحلامْ
وأحطّمُ مَن أَهواهُمْ في عُمقي باليأسِ الهمجيِّ الكاسرْ
الكاسرُ: يكْسرُ كسرًا كلَّ ضلوعي
أتهاوى
هل تعرفُ رمْلاً يتهاوى
(تَمْ  تَمْ)
برنينٍ عذْبْ؟
أمنيةٌ أخرى للحمقى وضليلي العقلْ
يا ضيعةَ من كوّنه الرّمْلْ!
.......................
يا عمري.. يا أبخسَ شيءٍ عندي:
بدّدتُكَ في ترنيمةِ مَنْ أهواهْ
أضناني حبّي
فامتلأ فؤادي حُلمًا حتّى أضناهْ
لو كنّا نَعرفُ آخرَ هَذِي الرّميةِ ما بدّدناهْ
أسجعْتُ كثيرًا!
لحنٌ من ذاتي
والذّاتُ تئنُّ برفقٍ حتّى لا تُؤذي الأوتارْ
ما زالَ البخْسُ طويلا
ريْثًا في حُزنِكَ حتّى يتقوَّى أوهاهْ
أوَّاهْ
.......................
عمرٌ مِن ورقٍ..
مِن كلماتٍ
مِن ذِكرَى
مِن شوقٍ مخنوقٍ
مِن رغباتٍ
مِن أحلامٍ في جوفي وحدي
عيناكِ رمتني
الشّقوى مَتْني
والدّنيا سِجنٌ ممدودٌ لا نُبصرُ جدرانَهْ
يا بَهجةَ مَن غافلَ سجّانَهْ
نعرفُ قصّتَنا:
نبدأُها.. تُنهينا
نَحْضُنُها.. تُدمينا
نحياها.. تُفنينا
أحلامُ عصافيرٍ خرقاءٍ، في قفصٍ ذهبيٍّ من صَدَإٍ فَـذّ
.......................
لا، ولا حتّى أنا
أنا الذي منهْ
جُرثومةٌ في جوفِ الحزنِ أُنغّصُهُ
كجنينٍ في رَحمِ الأيّامْ
يَتجرمزُ جسدي
أنتظرُ اللّحظةَ حينَ أضخُّ وُجودي
داخلَ هذا الحزنِ المسكينْ
(هِي.. هِي.. هِي)
سأصيبُ الحزنَ بِمَغصٍ يُشقيهْ
وأصبُّ على عينيهِ التّيهْ
وَ....
لا شيءَ الآنَ يُسلّيني
يا ذِكرَى دِفْءٍ فارقَني:
مَن يَمنعُ عنّي هذا البردْ؟
(وَحْ وَحْ.. هُفْ هُفْ)
حاولتُ كثيرًا أنْ أحضِنني
أنْ أُدفئني
أنْ أُبعدَ عنّي هذا البردْ
لكنْ لا أَلقَى غيرَ سرابْ
أكتشفُ أخيرًا أنّي مَغزولٌ مِن أوهامِ العمرْ!
.......................
الوَحْدةُ
والصّمتْ
كانتْ كنسيمٍ بَرّيٍّ
لو أنّ هناكَ نسيمًا ليسَ ببرّيّْ
أو أنّ هناكَ نسيمًا يُدعَى بَرّيّْ!!
أعني: كاللّذّةِ.. كالمَعنَى.. كالأُنسْ
لنْ نختلفَ كثيرًا في الكلماتْ
لو كانتْ قربي!
تَسبحُ في قلبي!
لم أذكرْ كلمةَ "مايوهٍ" أو شيئًا يدعو للإغراءْ!
الحبُّ طهارتُهُ تُعطي معنى القدسيّةِ للأشياءْ
معنى الحيويّةِ.. للأشلاءْ
.......................
كانتْ
(والماضي زمنُ الحَسَراتْ
قبْضٌ من ريحٍ.. مِن عطرٍ.. مِن ماءْ)
أمنيتي كانتْ
أنشودةَ كيفَ يمرُّ الوقتُ بلا إبطاءْ
أنشودةَ كيفَ نُضيفُ البهجةَ للأشياءْ
أرجوحةَ عُمري والأرجاءْ
عُمرًا في عُمري كانتْ
كَهفًا في عُمقِ كِياني
سِرًّا مِن ذاتي أصنعُه وحدي
لغزًا أعشقُه ويُجنّنُني
آهٍ يا عقلي
لو كنتَ كففْتَ عن التّفكيرِ بعينيها!
لكنْ معذرةً:
إذْ كيفَ تكُفُّ عن التّفكيرِ وأنتَ العقلْ؟!
بل كُفَّ الآن عَن التّكفيرِ بِكِلْمةِ "لو"
لا تُدعَى عينيها
عينانِ إذا مسّهما عقلٌ لم يُقتَلْ
صهْ يا أهبلْ!
.......................
والسّاعةُ تَمخرُ مَوجَ الوقتْ
لا نومَ لديّْ
إنّ الأوراقَ تُناديني
وأنا لا شيءَ يُساورُني كي أتمرّدْ
أكتبُ، أكتبُ،
عَلِّي أقتلُ مَللَ الوقتْ
لا شيءَ يُساعِدُ في النّسيانْ
قلتُ قديمًا:
لا تَقـدرُ الأشياءُ أنْ تُنسيني
لا شيءَ غيرُ جمالِها أنساني
وأقولُ حديثًا:
حينَ أحاولُ أن أنساكِ أُخادِعُ نفسي
أوَليسَ الفعلُ المُتَعدِّي "يَنسَى" يحتاجُ إلي مفعولٍ بهْ؟!
فكأنّكِ حاضرةٌ في طَرَفِ النّسيانِ الآخرْ
في طَرْفِ النَسيانِ الخاسرْ
أستحضرُ كلَّ الذِّكرَى كي أنساكْ!
يا وهمَ كبيرِ البُلهاءْ!
حسنًا يا عاقلْ:
حاولْ حاليّا أن تَذْكرَها
حتّى تَسأمَها
حتّى تَنساها!
آهٍ يا عقلي:
أرأيتَ جنونًا فوقَ جنونِكْ؟
.......................
والوقتُ بطيءْ
لا.. سأنامْ
وغدًا سأُعاودُ هذا الهولْ
قَدري!
حُزني!
.......................
لا ليسَ حزنًا
ولا أنا
ولا حتّى كِيانًا حولَ جُرثومتي
إنّه شيءٌ بلا تفسيرْ
موجودٌ
غامضٌ
ولكنّي أحبُّه هكذا!
 
محمد حمدي غانم
صيف عام 1998
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر