العائدات من الماضي
(حينما يفسد اختلاف الرأي للود كل قضية!)
كل مرة ترددت فيها في الارتباط بفتاة، كشف لي الزمن بعدها أنني كنت على حق!
وقد تأكد لي هذا بجلاء بعد الانقلاب!
الغريب أن الفتاة الوحيدة التي لم أتردد في الارتباط بها، والوحيدة التي طلبتها رسميا من أبيها، هي الفتاة الوحيدة التي لا تؤيد الانقلاب الآن!
ومن الواضح أن السبب في هذا أن شخصيتها لم تتلوث بالتربية في هذا المجتمع المريض، فقد ولدت وعاشت معظم حياتها في الخليج، ولم تحتمل الدراسة في مصر لأكثر من عام، فتركت الكلية وعادت لتدرس هناك.. ولعل هذا كان أحد أسباب فشل ارتباطي بها، فلم أكن مستعدا للسفر خارج مصر، ولم تكن مستعدة للحياة هنا!
سبب آخر يجعل هذه الفتاة تختلف عن الأخريات، أني اخترتها بعقلي لا بعيني.. حتّى إنني كتبت برنامجا لتحميل آلاف من كتاباتها في منتدى كانت تكتب فيه، لأستغرق في دراسة أفكارها وطباعها من خلال ردودها ومواضيعها.. لدرجة أني من فرط الاستغراق في شخصيتها، حولتها إلى بطلة في سلسلة رفاق الخطر (ريم التي ظهرت في رواية "الخارقة") J
ولهذا لم يعنني كثيرا أن تكون في نظر الآخرين أقل جمالا، ولم أكتب من الشعر لها سوى بضع قصائد، فحواراتي معها كانت أروع من أي قصائد!
لكنّ هذا سبب مشكلة أخرى، لأن أهلي بزعامة أمي لم يقبلوا أن أتزوج فتاة قليلة الجمال، ولا أدري فيم يعنيهم هذا أصلا، وأنا الوحيد الذي يتأثر بالجمال من عدمه في القصة كلها!
ولم تفلح كل محاولاتي لإفهامهم أنها شديدة الجاذبية بالنسبة لي، وأنني حينما قابلتها في القاهرة بإذن أبيها ورفقة أخيها، جلست أثرثر معها في أي شيء وكل شيء لست ساعات متواصلة دون أن أتململ أو أمل!
ورغم أني فرضت إرادتي على أهلي، يمكن بالطبع تخيل أن أول لقاء بين الأسرتين كان آخر لقاء، فقد بدأ صراع الحموات مبكرا جدا!.. وكان أكبر درس تعلمته من هذه التجربة: أنك لا تستطيع أن تفرض إرادتك على امرأة أبدا، فلديها دائما أساليب غير مباشرة لإفشال الأمور التي لا تريدها!
وقد كان من الممكن أن أتمسك بهذه الفتاة ضد كل هذا، لولا عيب واحد كنت أعرف أنه سيفسد كل شيء فيما بعد: أنها مترددة!
وبالنسبة لشخص يحمل أفكارا متمردة على المجتمع مثلي، يصير التردد صخرة هائلة تشدني للخلف، ويعوقني عن تربية أبنائي المحتملين كما أريد.
وهكذا تجمعت كل هذه الأسباب لتنهي مشروع الارتباط في خطواته الأولى.
ورغم أنها أظهرت لي أكثر من مرة تمسكها بي، فإن ترددها لم يكن يفارقها ولا أظنه يفعل!
ورغم أني ما زلت أقدّرها كيوم عرفتها، كانت إجابتي واحدة في كل مرة: هذا الطريق مغلق إلى الأبد!
فمشكلتي الحقيقية أن عقلي هو صاحب الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بقراراتي.. بينما يتسيد قلبي عالم الشعر بلا منازع!
وفي الشعر، يمكنني أن أحب أيّ فتاة مهما كانت الاختلافات بيننا.. بين إن هذه الاختلافات قد تكون التوابل التي تعطي للشعر نكهته الخاصة!
لكن في الحياة والواقع، حينما يتعلق الأمر بقرارات مصيرية كالزواج، لا يعبر أحد من مرشّح عقلي الصارم أبدا!
ويمكن القول إن الانقلاب عمل كمرشح آخر عمل على فرز ملايين الناس بكفاءة وسهولة وسرعة، كانت ستحتاج لعمر في الوضع العادي!
وقد أنهيت علاقتي بالفعل بكثير من زملائي، وقلصت علاقتي حتى ببعض أقاربي ممن أيدوا الانقلاب، أو حتى وقفوا على الحياد يلومون هذا وذاك!
فمن يغن للاستعباد والاستبداد والقتل والسجن والفساد والسرقة والنصب والفحش والفجر والكذب والتدليس، هو بالتأكيد إنسان لديه مشاكل في ثقافته أو في عقله أو في ضميره، أو كلها معا!
ومثل هذه النوعية من البشر لا مكان لها في عالمي، فحتى لو اكتشفوا خطأهم مع الوقت، فإن هذا لا يلغي حقيقة وجود خلل في ثقافتهم أو في عقولهم أو في ضمائرهم، وهذا الخلل بالتأكيد يجعلهم عاجزين عن التفاهم مع شخص متحرر الفكر متمرد على المجتمع مثلي، له أفكاره وشطحاته.. فهل يعقل أن يتقبلها أشخاص يختلفون معي في أبسط مبادئ الحق والباطل؟
مثل هذه الأمور كنت أستكشفها قبل الانقلاب بطرق أخرى، خاصة أثناء بحثي عن شريكة حياة، ولكن كما قلت، الانقلاب اختصر لي نصف العينة J
الخلاصة:
كل فتاة رسمتها في شعري جميلة حيث هي، ولكنها كحورية البحر، تموت لو خرجت منه إلى عالم الواقع.. فلتبق إذن هناك في عالمها الساحر، جميلة كحلم لا يمكن أن يتحقق!
محمد حمدي غانم
27/2/2014
أنصحك أن تذهب لطبيب نفسى
ردحذفغير معروف1:
ردحذفلا يحتاج الشعراء والكتاب إلى أطباء نفسيين، فهم بطبيعة الحال خبراء نفسيون، ويحللون أنفسهم ونفوس غيرهم في كتاباتهم.. دور الطبيب النفسي هو أن يدفع المريض إلى الفضفضة وشرح دواخله وكشف ما خفي عنه من تعقيدات مشاعره وذكرياته.. وكل هذا أفعله بشكل يومي في أشعاري وخواطري ومقالاتي.. الشعراء يعالجون أنفسهم بالشعر، وهم يقرون أنهم مجانين بطبيعة الحال
شكرا للنصيحة.. لو جربت طبيبا نفسيا جيدا فأعطني اسمه :D
تحياتي
غير معروف 2:
شكرا لتقديرك.
تحياتي
ورجاء أن يوقع كل معلق باسمه أو اسم مستعار لأتشرف بمعرفة من يكلمني!
رائع أحسنت
ردحذفأحيانا من كتاباتك تبدو و كأنك كتاب مفتوح و أحيانا أخرى تبدو فى منتهى الغموض
تحياتى
فاطمة
شكرا لك أ. فاطمة..
ردحذفكل ما أنشره في التصنيف "يوميات وتأملات" هو سرد لمواقف وذكريات حدثت.. ربما يكون الغموض في بعض الأوابد والأشعار.. وأنا بطبيعة الحال صريح ومباشر، ولا أظن أن شخصا يكتب يستطيع أن يخفي تفاصيل حياته وهو ينشر كل مشاعره وأفكاره على الملأ :).. القيد الوحيد الذي يجعل بعض كتاباتي غامضة، هو عدم ذكري لبعض التفاصيل التي تتعلق بأشخاص آخرين، حفاظا على خصوصيتهم.
تحياتي