المتابعون للمدونة

الاثنين، 3 فبراير 2014

حلم لا ينتهي


حلم لا ينتهي

 

لثواني قليلة كلمتها بعد أن أخذها مني الزمن سنوات طوالا..

كلمات مكتوبة لم تروِ ظمئي لصوتها وملامحها.. ولم تكفِ لأنهل من رحيقها الذي يفوح من أجمل خيالات المراهقة وأحلام الشباب!

ولا أدري لماذا صمتت فجأة..

هل غضبت لشيء قلته؟.. أم لشيء لم أقله؟

وهل قررت أن تحرمني منها مرة أخرى؟

لعلها تلومني لأني ابتعدت عنها يوما ما.. ربما ظنت حينها أني غضبت منها أو يئست من صدّها لي.. أو أنني زهدتها وفكرّت في غيرها.

ولكنها لا تعلم ما حدث..

ولا تعلم أنني ظللت أتعذّب بذكراها سنوات بعد أن اختفت عن عالمي..

ولا أنني رغم هذا لم أندم قَطَُّ على ابتعادي عنها، وأن ذلك اليوم لو تكرر مليون مرة، لكانت النتيجة نفسها في كل مرة!

يوم أن سارت نحوي وهي تنتظر مني أن أناديها، فأشحت عنها وتركتها تمضي سدى، وبيديها قلبي ينزف.

فقد كان مسار حياتي قد تغير إلى الأبد، لهذا كان لزاما عليّ أن أتركها تواصل مسارها، وأن أستسلم للوحدة التي حكمت بها على نفسي في مساري.

لكن لسبب ما، ها هما المساران يتقاطعان من جديد..

ربما لأن الدنيا صغيرة كما تقول هي..

أو لأنّ حبي لها أكبر من الدنيا ذاتها.

تقاطع المساران في نقطة..

في لحظة..

في حلم عابر..

في أحلى قصيدة شعر لم أكتبها بعد..

ولكن يبدو أن أحد المسارين قرّر أنّه لن ينحني عن اتجاهه ليوازي الآخر أو يطابقه.. والآخر لم يجد الفرصة حتى ليسأله إلى أين يذهب ليواكبه!

وها هي تبتعد من جديد، رغم نداءاتي لها.

لم يكن اللقاء كافيا..

لم أعرف منها أي شيء يَعنيني، ويُعينُني على تعديل مساري..

لم تفسّر شيئا، ولم تطلب مني أي تفسير.

لعله لا يَعنيها.. أو لعلي لا أَعنيها!

أو لعلنا نضجنا بما يكفي، وتوقفنا عن أحلام الشباب الساذجة..

لا أدّعي أني فعلت تماما، رغم أن أفكاري بالتأكيد صارت أعقد مليون مرة، وصارت حساباتي لكل خطوة أوشك أن أخطوها تسمّرني في مكاني!

فأنا ما زلت ذلك الشاعر الحالم، الذي حتى إن قرر أن ينسى، يحرمه شعره من أن ينسى..

وهي خالدة في شعري كما هي..

كما رأيتها وأحببتها..

كما أردتها وتخيّلتها..

تلك الفتنة الهشة التي تُباغتُ القلب فتبعثر نبضاته في فوضى الحواس..

تلك اللؤلؤة الصغيرة التي تخطف البصر بابتسامتها، فتكون آخر ما يراه..

تلك هي.. الحورية التي صنعْـتُها على خيالي، فسلبَتْ لبّي.

أعرف أن كلا منا الآن مثقل بأعباء السنين، وأن الحواجز الهلامية التي عجزنا عن عبورها بالأمس، صارت الآن جبالا ثقالا..

ولكني في تلك اللحظة الخاطفة من عمر الزمن، كنت مستعدا للتجاوز عن كلّ شيء، وفعل أي شيء جنونيّ يجعل مسارينا ينطبقان من جديد.. كأنّي نفس ذلك الشاب العشريني الواهم الذي فتَنَـتْه براءتها المشتهاة أول مرة.

ولكن اللحظة انقضت..

انقضت فجأة بلا أي سبب، كأنها الموت الذي يسلب الروح على غير انتظار..

انقضت وتركت المزيد من الأسئلة دون أن تقدم أي إجابات!

انقضت، وتركت ذكرى جديدة، وجرحا لن يندمل، وأملا مستحيلا بلقاء في المجهول، ربما يتحقق فيه الأمل المراوغ الذي يصرّ أن يضيع في كل مرة!

وكل ما أستطيع أن أقوله لها الآن، إنها لن تغيب عني أبدا.. فأنا ما زلت أحتفظ معي بنسخة جميلة منها..

حورية رسمتها في شعري، ورعيتها في خيالي، وحافظت عليها من تراب الزمن وصدأ الاعتياد، لتظل دائما وأبدا أجمل حلم لم يتحقق، وأجمل ذكرى لا تموت.

نسخة ربما يكون الأصل قد اختلف عنها، أو لم يطابقها قطّ.. لكنها تظل ملكي، ولا أحد يستطيع أن يسلبها مني مهما طال الزمن.

جنون؟.. ربما..

وهل الحب إلا أحلى جنون؟

فقط فلتعلمي أني: أحبّك!

 

محمد حمدي غانم

2/2/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر