الذين قالوا الليبرالية هي الحل
بقلم دكتور مصطفى محمود، من كتاب المؤامرة الكبرى
هناك أصوات ترتفع الآن لتنادي بأن.. الليبرالية هي الحل.. وهي تفهم الليبرالية كما فهمها الغرب في البداية بأنها الحرية وإتاحة الفرص للجميع وتشجيع كل المبادرات.. دعه يعمل.. دعه يمر.
و هو كلام ظاهره حلو ولا يختلف عليه أحد.. ولكن ما حدث بالفعل كان شيئا آخر.. ما حدث بالفعل في أورويا وأمريكا.. أن.. دعه يعمل دعه يمر.. اتسعت بقدرة قادر وبالتدريج لتصبح.. دعه يختلس.. دعه يسرق.. دعه يرتشِ.. دعه يباشر الانحلال.. دعه يباشر الشذوذ الجنسي.
كل إنسان حر في جسمه يفعل به ما يشاء.. ثم ابتكروا اسما جديدا محببا للشواذ فأسموهم Gay Community أو المرحين.
ثم أصبح الشذوذ في المصطلح العصري يطلق عليه Sexual Preference أو الاختيار المفضل.. وذلك لتنزع عنه نهائيا صفة العيب ويصبح نوعا من المزاج الخاص..
وتحت راية الليبرالية دخل الشواذ الجيش وتسلموا أعلي المناصب وتحولوا إلي لوبي خطير له شأن وقوة انتخابية يحسب لها ألف حساب..
وأصبح الفساد والرشوة والسرقات بالملايين ظاهرة عادية.. ورأينا رئيس الوزراء في إيطاليا جوليانو أماتو يشد شعره علي شاشات السي إن إن ويصرخ بأن بين أعضاء وزارته لصوص ومرتشون.. وأن هناك ألفين وخمسامائة وزير سابق وسياسي متهمين بالعمالة للمافيا من كراكسي إلي أندريوتي.. وأن المافيا تسللت إلي القضاء العالي وجندت مئات القضاة بإرهابها ورشاواها.. والذي استعصي عليهم مثل جيوفاني فالكوني فجروه بالقنابل ومن بعده زميله بورسولينو..
كلام خطير يقوله رجل في أعلي سلم المسؤولية.. وما حدث في إيطاليا حدث مثله في فرنسا وفي أسبانيا وفي أمريكا.
وهذا هو الغرب الذي نجعل منه قدوة.. وهذه هي الليبرالية التي نحاول أن نقتدي بها في بلادنا.
أما العلمانية وهي الراية الثانية التي يرفعها الشيوعيون القدامي ويسيرون بها في الشارع المصري ففضائحها أعجب.
والعلمانية بفتح العين مشتقة من كلمة العالم بمعني الدنيا.. أي لنعمل لدنيانا كأننا نعيش أبدا ولا نفكر في آخرة أو دين.. فالدين معوق للمسيرة الاجتماعية والعلمية.. وعلي الذين يختارون الدين ويتمسكون به أن يضعوه داخل علبة المسجد أو صندوق الكنيسة ويصلون داخل هذه العلب كما يشاؤون. ولكن لا يخرجون بقيمهم الدينية ليفرضوها علي الشارع وعلي الحياة ولا يتدخلون بمثالياتهم في المسيرة الاجتماعية أو المسيرة السياسية.
و العلماني يدعي أنه يحترم الدين والمتدينين ولا يتدخل في أديانهم بشرط أن يعطوه أكتافهم ويغلقوا عليهم بابهم ويدعوه في حاله.
والعلمانية التركية في الواقع لم تدع المتدينين في حالهم ولا تركت الدين لحاله وإنما طاردت الأئمة المسلمين وقتلتهم وشردتهم وحلقت لحاهم ، كما انتزعت حجاب المحجبات واقتلعت اللغة العربية من المصاحف ومن ألسن الناس.. وكتبت المصاحف الجديدة بالأحرف اللاتينية..و جعلت الولائم وموائد الخمر شرعة رسمية في أيام رمضان.
أما العلمانية الأوروبية فقد عكفت علي إذاعة العملية الجنسية بجميع أوضاعها وراحت تبثها تلفزيونيا بالأقمار الصناعية في مسلسلات من الفحش المقزز علي الأولاد والبنات كل مساء في البيوت.. تقوم بذلك المحطات الحكومية وليس القطاع التلفزيوني الخاص.. ناهيك عن أفلام العنف والرعب والدم والعري.
و تقول الإحصاءات في أمريكا إن الطفل حينما يبلغ سن الثانية عشرة يكون قد شاهد اثنتي عشرة ألف جريمة قتل في التلفزيون.. وهذه هي التربية العلمانية التي تدعي أنها تترك الدين في حاله.. ولم يجد رجال الدين المسيحي بدا من إدخال رقص الديسكو في الكنائس لاجتذاب الشباب وقالوا هذا أرحم..
و الشيوعيون الذين يدعون أن مصر بلد علماني كاذبون.. فالإسلام منصوص عليه في دستورنا المصري.. والقانون في بلادنا منصوص بأنه يستلهم الشريعة الإسلامية في مواده.. ومصر لا تستطيع أن تنسلخ عن الدين لأن الدين ليس جلدها وإنما لبابها ومخها وحشوتها التاريخية.. والتوحيد دخل مصر قبل أن يدخل القدس وقبل أن يدخل الجزيرة العربية.. والنبي إدريس هو أوزوريس الذي حرفوا اسمه وعبدوه وجعلوا منه إلها.. وتعدد الآلهة في مصر كان من افتراء الكهنوت ومن مكر الحكام ليجعلوا منه سبيلا إلي تحصيل القرابين وفرض الضرائب وليمزقوا الشعب شيعا وطوائف ليخلوا لهم الجو..
وستظل مصر محفوظة ومحروسة تحت ظل العرش.. وستظل خيمة عباده.. حتى يأذن الله للدنيا بانتهاء.
وأنا لا أنكر ما أحرزته الحضارة الغربية من تقدم في كل مجالات العلم المادي.. وتبهرني غزوات أمريكا للفضاء واقتحامها لأسرار الذرة وكشوفها في الهندسة الوراثية وإنجازاتها في علوم الكومبيوتر.. وأري أن من واجبنا أن نأخذ كل هذا ونتعلمه ونشكر أصحابه ونمجد أهله.. ولكن ليس معني هذا أن نبتلع الجانب الآخر الهابط والفاحش والمنحل من تلك الحضارة.. فالذين يقدمون الفحش والانحلال والكوكايين والكراك والعري والجنس والعنف هم قبيلة أخري مندسة في هذه الحضارة.. وهم سوس تلك الحضارة الذي يأكلها من الداخل..
هذه القبيلة والتي أسميها قبيلة التلمود وقبيلة البروتوكولات.. التي تخطط من ألف سنة لخراب هذا العالم والسيطرة عليه.. هذه القبيلة ليست قدوة لنقتدي بها.. وليست أسوة لنتأسى بأخلاقها وسلوكياتها.. وإنما هي علي النقيض.. عدو علينا أن نكشفه في جميع مظانه.
ولم يتقدم العلم بجهود تلك القبيلة ولكن بجهود المخلصين والنجباء من كل الأديان.. ولكن تلك القبيلة كانت تحرص علي التقاط ثمرات تلك الكشوف والمخترعات المخلصة لتستغلها في الشر وتجني بها الثروات وتحوز بها السلطة.
والإسلام ليس ضد العلم بل علي العكس هو يأمر بالعلم ويحض عليه بشرط أن يكون علما للخير وللنفع ولله وليس علما لتحصيل المغانم وتكديس الثروات والإضرار بالناس.
ولكن الحروب والتكالب علي المغانم ما زالت مستمرة.. والشر غالب..
والله يقول - إن أكثر الناس لا يفقهون - وعن المؤمنين الشاكرين يقول وقليل ما هم..
وقدرنا أن نخوض تلك الحرب..
ولا مهرب من تلك الفتنة..
يقول ربنا:
(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)
صدق الله العظيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.