بعد فوات الأوان
هناك لحظة معينة تتكرر في حياتي كثيرا.. لحظة ما بعد فوات الأوان!
لحظة أن يقترب الحلم الذي طالما انتظرته، لكن متأخرا جدا بعد أن أكون تجاوزته ولم يعد له معنى بالنسبة لي، فأنظر له بلا مبالاة ثم أتركه خلفي لأواصل طريقي بلا تردد أو ندم!.. فمما لا تعرفينه عني أني أمقت تكرار تجاربي، وأرى في الحياة دائما المزيد من الفرص والتجارب الجديدة التي تستحق خوضها، بدلا من تضييع الوقت في محاولة تصحيح تجارب الماضي الفاشلة!
لهذا عذرا يا صغيرتي.. لقد اكتشفتُ كيف يمكنني أن أعيش حياتي بدونك، ولم يعد لك أي مكان في مستقبلي.
لقد انتظرتكِ أكثر مما ينبغي عند مفترق الطرق، آملا أن تتاح لي الفرصة لأعرفك عن كثب، لكنكِ تأخرتِ طويلا جدا وضيّعتِ من وقتي الكثير دون أي جدوى، مفضّلة أن تعيشي أوهام المراهقة اللذيذة على أن تخاطري بتجربة الحب الحقيقي.. لهذا لم أجد بدا في النهاية من اختيار طريقي وحدي.
ولا يحق لك الآن أن تتهميني بشيء أو تلوميني على شيء.. فلقد كنتُ واضحا ومحددا معك منذ البداية، وشرحتُ لك ما سيحدث بمنتهى الدقة، حينما قلتُ لك:
"لقد وصل قلبي إلى ذروة شوقه إليك، وليس بعد الذروة ذروة، فإما أن يتحقق الهدف أو تفتر الفورة، وتنطفئ النار وتخمد الجذوة، وينقلب منحنى الحماس والطموح مللا ويأسا، كهلال نما حتى وصل إلى تمام بدره، فحُق عليه أن يتضاءل إلى محاقه.. فإن لم نتلاقَ في ضياء هذا البدر الآن، لننعم ببهجة هذا الحب، فمتى؟
لقد أينعت ثمرة الحب وحان قطافها، فاقتنصيها الآنَ قبل أن تذبل وتفنى سدى، فالحب ككل شيء في الحياة، يتبع قوانين البقاء والفناء، ومن الحكمة أن يقدّر المرء متى يُقبل ومتى يُحجم، ومتى ينتهز الفرصة المواتية."
وقد حدث ما حذّرتُكِ منه، فلا شيءَ في الدنيا يدوم إلى الأبد مهما بدا لنا عكس هذا، ولا يوجد حتى جماد يستطيع احتمال الأعباء الزائدة دون أن يصل عند نقطة معينة إلى مرحلة الانهيار Breakdown، فما بالك بقلب حيّ ظل يتعذب بحبك ولا يتلقى إلا طعناتك!
فسامحيني، فقد ضاعت الشرارة هباء، دون أن تضرم النيران في حُلكة ليلكِ البارد، وتبددت طاقة هذا الحب في العدم، قبلَ أن تنجح في تجميع ذرتينا في جزيء واحد أبدي لا يمكن فصمه.
والآن لم يعد في قلبي لك إلا ذكريات يغمرها شجن هادئ.. وكما قال طاغور يوما:
"ما كان حزنا مرة، أصبح الآنَ سلاما"
فلا تلوميني إن قررتِ أنتِ تضييع المزيد من وقتك على مفترق الطرق في انتظار ما لن يعود ومن لا يعود!
لقد اخترتِ، وعليكِ أن تتحملي نتيجة اختيارك، فاختياراتنا هي التي تجعلنا نحن.. ومن الواضح أن اختياراتِكِ التي تجعلكِ أنتِ لا توافق اختياراتي التي تجعلني أنا!
فوداعا إذن.. وداعا أبديا لا لقاء بعدَه.
محمد حمدي غانم
13/6/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.