المتابعون للمدونة

الأحد، 19 يونيو 2011

العلمانية والإسلام

العلمانية والإسلام

العلمانية مذهب مادي دنيوي (لا ديني) ظهر للتخلص من  سيطرة الكهنوت البابوي على الحكم في أوروبا طوال العصور الوسطى المظلمة بكل ما نتج عنه من كوارث وظلم وجهل ومحاكمة للعلماء ورفض لاكتشافات العلم.. لهذا سعت العلمانية إلى إدارة شئون الدنيا بالطرق المادية لا الروحية، والاعتماد على القوانين العلمية لا الدينية.. هذا الكلام كان مناسبا لوقته ومكانه وظرفه، لكن نشره بالاستعمار لتطبيقه على جميع الأديان والثقافات خلق صراع هوية في معظم بلاد العالم (شاهدوا مثلا فيلم الساموراي الأخير لتوم كروز، الذي يجسد الصراع بين الهوية اليابانية التقليدية والحداثة الغربية).
لكن الصدام الأكبر حدث مع الإسلام، ففي الإسلام لا يوجد كهنوت، والإسلام ليس دينا روحيا صرفا، ففيه شريعة توازن بين القلب والعقل والروح والجسد والغيب والمادة، وتنظم كل أمور المسلم في الحياة بمبادئ عامة لا تعارض التطور العلمي والفكري، ففيها الثابت وفيها المتغير، وفيها النص القطعي وفيها الاجتهاد، وفيها دستور الحكم وأحكام المعاملات الشخصية وحقوق الأقليات.
والإسلام على مر 14 قرنا لم يكن دينا فقط، فهذه الشريعة الخاتمة العامة منحته القوة ليكون حضارة وثقافة وعلما ومنهج حياة ورؤية فكرية ونظرة إصلاحية للعالم بأسره.. ومحاولة فصل كل هذا عن السياسة والاقتصاد والفكر والأدب والفن يحول الإسلام إلى كلمة خاوية من مضمونها، ويجعل المسلمين غرباء عن دينهم، وهذا هو منبع الصراع بين الإسلام والعلمانية.. فالعلمانية لا تريد دينا في الحياة، والإسلام هو كل الحياة!
العلمانية تريد دينا في القلب وشعائر تمارس في المسجد، والإسلام دين ينظم كل شئون المسلم صغرت أم كبرت، لتكون علاقته بخالقه علاقة دائمة لا تنقطع.
لعل هذا يجعلكم تدركون لماذا يقول المفتي علي جمعة إن المسلم لا يمكن أن يكون علمانية، وإن الإسلام والعلمانية نموذجان معرفيان متناقضان ولا يمكن أن يجتمعا!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر