لغز البرسيم!
هل فكرت يوما لماذا الحصان بهذه
القوة ولماذا البقرة بهذا الحجم رغم أنها يأكلان يأكلان البرسيم؟
بينما لا يستطيع الإنسان الاكتفاء بالأعشاب
ليعيش، ولا بد له من تناول اللحوم، ورغم هذا لا تعطيه هذه اللحوم نفس قوة الحصان
ولا نفس حجم البقرة؟ (قبل أن يتهور أحدكم: البرسيم ليس الحل :) ).
وإذا كانت البقرة تنتج اللحم من
البرسيم.. فلماذا يحتاج الإنسان إلى لحم البقرة؟.. ألا يستطيع الحصول على نفس
النتيجة بأكل الأعشاب مباشرة؟
الإجابة تكمن في المعلومات
الوراثية، وإبداع الخالق عز وجل فيها.. فالخلايا الحية تمتلك شفرة وراثية مسجلة
على شرائط DNA، وتملك كذلك آلية لترجمة هذه الشفرة لتحويل الأحماض
الأمينية إلى بروتينات.
هناك 20 حمض أميني، يمكن استخدامها
لإنتاج أعداد لا نهائية من البروتينات، حيث يختلف كل بروتين عن الآخر في نوع
الأحماض الأمينية الداخلة في تركيبه، وترتيبها في السلسلة وطول هذه السلسلة.. هذه
التفاصيل كلها مكتوبة في الشفرة الوراثية في DNA،
وهي التي تعطي الأوامر للخلية بتجميع وترتيب الأحماض الأمينية لإنتاج البروتينات
المطلوبة.
باختصار: الأحماض الأمينية هي حروف
الأبجدية، التي تكتب بها جمل البروتين.. و DNA هو المؤلف الذي يكتب هذه الجمل.
وبما أن لكل نوع من المخلوقات شفرة
وراثية مختلفة، فهذا معناه أنه ينتج بعض البروتينات المختلفة (هناك الكثير من
البروتينات المشتركة طبعا).. وواضح أن جسم الإنسان يعجز عن إنتاج بعض البروتينات
التي تنتجها البقرة وتدخل في تكوين لحمها، والتي يحتاجها جسم الإنسان لأداء
وظيفته.. وهو تصميم مهم في السلسة الغذائية، فبدون آكلات اللحوم، ستملأ آكلات
العشب الأرض وتفني النبات فتفنى الحياة جميعا!
ينطبق هذا أيضا على مسألة الحجم..
فحجم كل مخلوق مرتبط بالمعلومات الوراثية التي تحتوي على تصميمه ومقاييسه، وليس
نوع وكم الطعام الذي يأكله.. لاحظ أن حجم الهيكل العظمي في مرحلة البلوغ هو ما
يحدد حجم الحيوان (الإفراط في الأكل يؤدي إلى البدانة، لكنه لا يغير حجم الهيكل
العظمي).. وقد قدر الله سبحانه أن تكون الحيوانات العاشبة أكبر حجما من الحيوانات
التي تفترسها، حتى توفر لها الغذاء دون أن تفنى.. وهذا من دقة تصميم السلسلة
الغذائية.
ومن الملاحظات المدهشة، أن عيون الحيوانات
آكلة اللحم موجودة في مقدمة الجمجمة لتوفر لها مدى إبصار أبعد حتى تستطيع رصد
الفرائس ومطاردتها بدقة بدون رؤية جانبية تشتت انتباهها، بينما عيون الحيوانات العاشبة
موجودة على جانبي الجمجمة لتوفر لها مدى إبصار أوسع في جميع الاتجاهات (يصل في
الحصان إلى 350 درجة)، حتى لا تباغتها الحيوانات المفترسة من خلفها!.. فسبحان الله
الذي خلق فأبدع.
ملحوظة لمصدقي خرافة
داروين:
وجود معلومات داخل كل خلية أمر يقع
خارج نطاق أي تفسير دارويني، فالمواد الكيميائية إذا تواجدت معا يمكنها أن تتفاعل
كما يحلو لها، لكن كتابة معلومات توجه تفاعلها هو أمر يحتاج بالضرورة إلى ذكاء واع
وتخطيط محكم.
كما أن تعقيد العلاقة بين المخلوقات
الحية، يؤكد أن تصميم كل نوع يراعي منذ البداية علاقته بباقي الأنواع، وهذا يقول
إن (تطور) النوع يجب أن يعي ويراعي تطور باقي الأنواع، وهذا لا يمكن أن يحدث بدون
تدخل ذكاء واعٍ، لتصميم نظم بيئية متكاملة!
يقول سبحانه:
(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ
بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ
رَبُّ الْعَالَمِينَ {9} وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ
فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي
أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء
لِّلسَّائِلِينَ).
تقدير الأقوات كما رأينا يحتاج
تصميما محكما يبدأ بخلق النبات لتوفير الأكسجين الكافي في الغلاف الجوي، ثم خلق
العواشب واللواحم لحفظ التوازن البيئي، وجعل تحللها في باطن الأرض عبر ملايين
السنين مصدرا للفحم والبترول، اللذين هما قوت الحضارة العصرية اليوم، وتسافر أنت
لتعمل في الخليج بسبب البترول المقدر لك من ملايين السنين!
بالمناسبة: يشكك الملاحدة في خلق
الأرض في يومين وتقدير أقواتها في أربعة أيام كما ذكر القرآن الكريم، باعتبار أن
هذا وقت قصير جدا، ينافي التقديرات الجيولوجية المعروفة.. والحقيقة أن اليوم في
القرآن نسبي، فهناك يوم بألف سنة:
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ
السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ
أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ).
وهناك يوم بخمسين ألف سنة:
(تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ
وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ).
ولا يوجد ما يمنع أن يوجد يوم
بمليون سنة، ويوم بمليار سنة، فاليوم في التعريف الفلكي، هو الوقت اللازم لدوران
الكوكب حول نفسه.. فيوم الأرض أربع وعشرون ساعة، لكن يوم المشتري 10 ساعات فقط،
ويوم نبتون عشرون سنة من سنوات الأرض!!.. فتعريف اليوم مرتبط أصلا بالمنظومة
الفلكية التي تنسبه إليها، ويم الأرض لم يكن قد بدأ بعد في قوله تعالى: (خلق الأرض
في يومين).
إذن فمقدار الأيام الستة التي خلق
الله فيها السماء والأرض هو أمر في علم الله، لكن الملف للنظر أن علماء الجيولوجيا
قسموا تاريخ الأرض إلى أربع حقب جيولوجية (ما قبل الكامبري، الباليوزي، الميسوزي،
السينوزوي) والقرآن يتكلم عن تقدير أقوات الأرض في أربعة أيام!