محاكمة مبارك... تأملات وهواجس!
تباينت ردود الشعب المصري حول محاكمة مبارك، ما بين الفرحة والدهشة والشماتة والشفقة والتوجس.
وربما يكون هناك من راودته كل هذه المشاعر المتضاربة معا!
وإضافة إلى كل هذه المشاعر، تتملكني الحيرة بخصوص هذه المحاكة، والقلق مما يمكن أن تئول إليه في النهاية، فما زالت هناك أشياء غامضة كثيرة لا أفهمها، ومفاجآت أتوقعها.. مثلا:
هل يتصور أحدكم أن مبارك وأولاده والعادلي ومدير أمن الدولة السابق لا يملكون كل الوثائق والأدلة التي تدين بعض قادة الجيش والشرطة والإعلام وباقي أركان الدولة، وقد عملوا معا في ظل نظام واحد استمر ثلاثين عاما، وتستروا على جرائمه وحموا مرتكبيها، إن لم يكونوا شاركوا فيها؟.. وهل كان هذا مجانا؟
ألن تجر هذه المحاكمة إليها أحمد شفيق وعمر سليمان؟
ألا يمكن أن يفضح مبارك وعمر سليمان علاقات دولية عربية وغربية قذرة ومؤامرات شريرة كثيرة (أقلها إرسال أمريكا بعض معتقلي جوانتانمو لاستجوابهم في مصر)؟
وهل تعتقدون أن هذا يمكن أن يمر دون أن تحدث ردود فعل عنيفة من جهات كثيرة داخلية وخارجية، مما يمكن أن يؤدي إلى انقسام في الجيش المصري، أو انقلاب بتحريض خارجي، أو مؤامرات ضخمة (من عينة الهجمات المدبرة وفرية الإمارة الإسلامية في سيناء التي رأيناها في الأيام الماضية)، أو مواجهات عسكرية مع إسرائيل للردم على كل هذه المحاكمات وحشد الشعب للجهاد المقدس وراء بقايا النظام مع تأجيل الانتخابات جميعها إلى أجل غير مسمى؟
ألا يعني هذا بالضرورة أن هناك موازنات وصفقات وضغوطات ستمارس في هذه المحاكمات لحماية باقي النظام، أو بفرض حسن النية، لحماية ما بقي من الدولة نفسها وعدم إدخال النظام الجديد في مواجهات عالمية؟
أظن أن محاكمة مبارك ستطول إلى حد الملل، إلى أن يموت في فراشه!.. ولاحظوا أن زوجته البريطانية سوزان ثابت خرجت من اللعبة مبكرا بكلام مضحك عن إعادتها للنقود التي أخذتها!!.. تذكروا أن بريطانيا لا ترضى بإهانة رعاياها، كما لم ترضَ إسبانيا بإهانة مواطنها حسين سالم، كما رفضت أمريكا القبض على مواطنها بطرس غالي!!.. لقد كانت تحكمنا عصابة دولية، وإن صح فعلا أن جمال وعلاء بريطانيين كأمهما، فلا أتوقع أن تصدر ضدهما أي أحكام في النهاية!!
عموما دعونا لا نستعجل الأحداث، فكل شيء سيتضح في وقته، ودعونا اليوم ننتشي بمشهد مبارك وولديه في القفص، فهذا بحد ذاته نصر لم نكن نحلم به حتى!
وبرأيي أن الجيش حقق مكسبا كبيرا بإظهار مبارك وولديه في قفص المحاكمة، مما سيكسب الجيش ثقة قطاع كبير من الشعب، وأنا أرى أن علينا القبول بهذا حتى لو لم تحقق المحاكمات كل ما نتمناه، ما دمنا لا نريد الدفع بالأمور إلى حافة الهاوية، فوضع مصر الداخلي سيء للغاية، وهي لا تحتمل الفوضى والقلاقل أطول من هذا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.