المتابعون للمدونة

الأربعاء، 31 أغسطس 2011

حضارة أم حقارة؟

حضارة أم حقارة؟

حضارة الغرب وفلسفاته منذ تاريخه القديم مادية.. وحينما أخذ المسيحية حرفها ومزجها بفلسفاته الوثنية، وتمت إبادة كل النصارى الموحدين (ولم يبق منهم إلى اليوم إلا جماعات قليلة متفرقة).
وحينما تخلص الغرب من الكهنوت المسيحي وإرث العصور المظلمة، وارتكبت الثورة الفرنسية والثورات الأوروبية في سبيل ذلك مجازر بشعة تحت شعار "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس"، بقيت للغرب النظرة المادية الصرفة، وتم استبدال نظرية داروين بنظرية الخلق، وصار هذا أساسا ثابتا للمادية العلمانية في شقيها الشيوعي والليبرالي.
في الحقيقة هؤلاء الناس يتوارثون نفس الفكر المادي الوثني الاستئصالي الاستعماري الإبادي منذ نشأتهم، لهذا لا يختلف الاحتلال اليوناني والرماني للشرق، عن الحملات الصليبية، عن الغزو الاستعماري، عن حملات أمريكا المعاصرة لنشر الديمقراطية!!.. فكلها حلقات في نفس السلسلة!
ولعل إبادة هنود أمريكا واستعباد الزنوج فيها يعطينا مختصرا مركّزا لتاريخ الغرب الطويل.
أظننا الآن نفهم مدى الطرافة في شعارات الحضارة الغربية المتعلقة بحرية المعتقدات وحقوق الإنسان واحترام الآخر.. فهؤلاء الناس يبيدون كل من يخالفهم أولا، ويجبرون المستضعفين على تقليد أفكارهم، ثم بعد ذلك تنتفخ أوداجهم في فخر ويعلنون أنهم يسمحون للناس بحرية الاعتقاد والفكر!
وقد أشار أحد المفكرين الأمريكيين إلى نقطة هامة وخطيرة في هذا الصدد، فقد لاحظ أن حملات الإبادة والاستعباد هذه، تسبقها دائما حملات دعائية لتشويه الخصم وشيطنته، تهدف إلى نزع الإنسانية عنه، وتصويره كمتوحش همجي عدو للحضارة والإنسانية، ويمثل خطرا داهما على الحياة.. لهذا يشار إلى الهنود حتى اليوم في كتب التاريخ الأمريكية بالوثنيين الهمج المتوحشين، وتم تصوير الزنوج في فترة استعبادهم باعتبارهم حلقة وسيطة بين الإنسان والقرد، وأنهم الأدنى في سلم التطور البشري، كما تزعم خرافة داروين.
وحديثا، تم تصوير المسلمين كإرهابيين مجرمين، أتباع دين يحض على العنف والقتل، ولا أمل في التفاهم أو التعايش معهم، وهو ما يجعل الجندي الأمريكي يقتل هؤلاء الهمج في أفغانستان والعراق بمنتهى الاستمتاع وراحة الضمير، باعتباره يطهر البشرية منهم!
لكن إن شئت رأيي، فهؤلاء الغربيين أنفسهم هم الخطر الداهم على البشرية، فقد يقتلون الأبرياء، ويستعبدون الضعفاء، ويسرقون ثروات الشعوب ويتركونها تعاني الفقر والجوع والمرض، وينشرون الإلحاد والإباحية بما يصاحبهما من انهيار أخلاقي وتفسخ أسري وأبناء زنا وإيدز وإدمان وسكر وإجرام وانتحار.. ناهيكم عن تلاعبهم بالهندسة الوراثية لإنتاج أمراض جديدة لاستخدامها كأسلحة حيوية، مما يهدد بإفناء الحياة على الأرض لو خرجت الأمور عن سيطرتهم.
قد يراهم البعض في منتهى الحضارة.. لكني أراهم في منتهى الحقارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر