المحافظ = المحافظ ، لا المتحفظ !
لماذا يجلس المحافظ كل يوم في مكتبه في مبنى المحافظة؟
لماذا لا يخرج كل يوم لزيارة قرية أو مدينة صغيرة أو حيا من أحياء عاصمة المحافظة، ليتفقد أحوال محافظته وأهلها؟
أليس المحافظ هو نائب رئيس الجمهورية في محافظته؟.. فلماذا لا يكون عينه التي تطلع على أحوال رعيته، ويتابع بنفسه بطريقة حية كل ما يعجز الرئيس عن متابعته إلا من خلال التقارير الصماء؟
من وجهة نظري أن مسئوليات المحافظ يجب أن تعدل ليكون دوره الرئيسي هو المرور على كل شبر في محافظته في جولات منتظمة وعادلة، وتترك المهام المكتبية والورقية لنوابه ووكلائه والإداريين من موظفي المحافظة.. هذا سيحقق الفوائد التالية:
- سيدعّم هذا انتماء المحافظ للمحافظة، ويجعله يشعر بهموم الناس ويتفاعل معهم، ويسمع مشاكلهم منهم مباشرة دون وسيط، مما يمكنه من نقل صورة حقيقة للرئيس عن أحوال البلاد والعباد.. ويشترط لكي يتحقق هذا أن تخصص للزيارة معظم ساعات اليوم، وألا تقتصر الزيارة على منطقة الاستقبال الرسمي، بل يجوب المحافظ معظم أرجاء القرية أو المدينة أو الحي، ليعايش معاناة الناس بنفسه.. ومن جميل الاتفاق أنني بعد كتابتي لهذا، شاهدت لقاء أجرته "الجزيرة مباشر مصر" مع محافظ الفيوم، وقال فيه إنه زار الكثير من القرى، ولمس معاناة الناس بنفسه، حتى إنه تأثر جدا بمشاكلهم، وصار عاجزا عن النوم دون حلها، وأنه يتذكر معاناة الناس من أجل الحصول على المياه كلما فتح صنبور المياه ليتوضأ.. وجود المحافظ بين الناس يحولهم من أرقام على ورق إلى كائنات حية تعيش في وجدانه.. نريد أن يكون هذا من صميم عمل المحافظ وليس تطوعا يفعله البعض أحيانا ويغفله الآخرون طول الوقت!
- احتكاك المحافظ بالناس يوميا سيجعله يعاملهم بمنتهى الاحترام والاهتمام، خوفا من ردود فعلهم الغاضبة وهو بينهم :).. وهذه بالتأكيد مهارة سياسية ستضاف إلى رصيد خبراته :)
- كالمعتاد: كل مكان سيزوره المحافظ سيلقى عناية فائقة قبل الزيارة من قبل موظفي المجلس المحلي، مما يعني إصلاح الأعطال ورصف ما تكسر من الطرق، وحل ما تعثر من المشاكل، وتنظيف الشوارع.. إلخ.. بهذا سنضمن على الأقل أن 26 قرية في مصر ستحصل على الاهتمام كل يوم :)
- التقاء المحافظ في كل زيارة بالمثقفين والسياسيين والشباب والأعيان، يتيح له سماع اقتراحاتهم وتصوراتهم لتطوير بلدتهم أو محافظتهم ككل.. وهذا يساعد على إخراج المسئولين في مصر من الصندوق المغلق أحادي الفكر الذي اعتادوا التقوقع فيه!
- ومن المزايا الهامة لهذا الاقتراح، أنها ستجبر متخذ القرار على اختيار محافظين أصغر سنا، ما بين الأربعين والخامسة والخمسين، ليمتلكوا الحيوية الكافية للتجوال اليومي في محافظاتهم.. لقد سقمنا من الديناصورات الهرمة التي لا تفعل شيئا سوى توقيع الأوراق في الغرف المغلقة!
- كما سيجبر هذا الاقتراح متخذ القرار على اختيار محافظين لبقين لهم شعبية وشخصيات مؤثرة، ولديهم طلاقة في الكلام وثقافة عامة، وفهما شاملا بظروف المحافظات التي يعينون فيها، ورؤية تنموية لتطويرها.. وهذا بالتأكيد سيحطم قالب الجبس العتيق الذي يحصر المحافظات على لواءات الجيش والشرطة والمستشارين وأساتذة الجامعات!
ملحوظة:
لضمان تنفيذ هذه الفكرة، يجب أن ليلزم القانون المحافظين بذلك، ويحاسبهم مجلس الشعب والمجلس المحلي للمحافظة عليها.. وتُلزم القناة المحلية التي تغطي المحافظة بمرافقة الزيارة وتصويرها، مع نشر تقارير عنها في جرائد المحافظة.. يجب ألا يترك الموضوع لمزاج المحافظ.. ومن لا يعجبه الأمر منهم أو لا يجد نفسه أهلا له وقادرا عليه، يقدم استقالته، أو لا يقبل المنصب منذ البداية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.