اقطعوا يد مبارك
يقول سبحانه في سورة المائدة:
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {38} فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {39})
الآن بعدَ أن برح الخفاء، فهمنا لماذا حارب المجرمون شرع الله، فالسارق لا يريد أن تُقطع يده، والسكير لا يريد أن يُجلد، والزاني لا يريد أن يُجلد أو يُرجم، والقاتل لا يريد أن يُقتل.. وقد كان يحكمنا عصابة من كل هؤلاء!
والآن بعد أن انقشع الضباب عن مغارة علي بابا، التي انفتح بابها بعبارة "ارحل" التي رددها المتظاهرون، ورأينا مذهولين كمّ الكنوز التي سطت عليها العصابة: ذهب، مرجان، ياقوت، سيارات، يخوت، مليارات، دولارات، أحمدك يا إبليس!
بعد كل هذا، يجب أن ننادي جميعا بتطبيق الحدود الإسلامية، وأولها قطع أيدي اللصوص، وأولهم حسني مبارك، ليكون عبرة لكل رئيس يأتي بعده، على أن يتم هذا في ميدان عام، وينقل على الهواء مباشرة!
وأقول للإخوة ضعاف القلوب، أو الذين يطلون وجوههم بمساحيق الرحمة الزائفة، إن الله سبحانه وتعالى ختم الآية التي شرّع فيها قطع اليد بصفتي العزة والحكمة، فهو العزيز القوي الذي لا يُغلب ولا يؤاخذه أحد على حكمه، وهو الحكيم الذي يضع كل شيء في موضعه، ويقدر الأحكام التي فيها صالح العباد.
ومن يظن أن في قطع يد السارق قسوة، أسأله:
- كم مئة ألف مصري مات جوعا في الثلاثين عاما الماضية، بسبب ما سرقه مبارك وعصابته؟
- كم مئة ألف مصري مات مرضا لأنه لم يجد بضعة آلاف من الجنيهات لإجراء جراحة أو شراء أدوية غالية، بينما مبارك وحاشيته يرفلون في المليارات المنهوبة؟
- كم مئة ألف مصري لفظوا أنفاسهم نفسا نفسا في حوادث الطرق في انتظار سيارة إسعاف لا تجيء، بسبب الفساد والإهمال والسرقة؟
- وكم مئة ألف مصري تهدمت فوقهم العمارات، أو احترقت بهم أو تصادمت القطارات أو غرقت العبّارات، أو اعتدى عليهم المجرمون والبلطجية بالأسلحة البيضاء؟
- كم مئة ألف مصري فقدوا أعينهم وأذرعهم وأرجلهم في تلك الحوادث، وكان من الممكن ألا يفقدوها لو أننا قطعنا يد سارق واحد فقط فاعتبر المجرمون؟
- وكم مئة ألف مصري زج بهم في السجون والمعتقلات لأنهم وقفوا في وجه الظلم، أو تم قتلهم أو إصابتهم بعاهات أثناء تزوير الأمن للانتخابات؟
- وكم مليون إنسان شريف دفعته ظروفه إلى الإجرام والسرقة والاختلاس والبلطجة، لأن اللصوص سرقوا قوته وقوت عياله؟
- وكم مليون امرأة وشيخ وطفل تشردوا في شوارع القاهرة والمدن بلا مأوى، بينما تتزاحم قصور مبارك وعصابته في كل مكان؟
- وكم مليون مصري أصيبوا بالفشل الكلوي والكبد الوبائي والسرطانات؟
- وكم فتاة تم اغتصابها أو التحرش بها لأن الشباب العاطل المعطل عن الزواج دفعه إعلام اللصوص الفاحش إلى الرذيلة لكي يلهوه عن المطالبة بحقوقه المنهوبة؟
- وكم مليون مسلم تم قتلهم في كل مكان في العالم، بينما مبارك وزبانيته يسكرون بدمائهم على موائد أسيادهم في الغرب، دون أن يتدخلوا خوفا على مكاسبهم؟
- وكم ألف عالم وعبقري ومبدع تم إهداره وإحباطه ودفعه إلى الهرب إلى بلاد أعدائنا، لأن اللصوص نهبوا ميزانيات التعليم والبحث العلمي، فضيعوا أوطاننا حاضرها ومستقبلها، وأذلوا المسلمين وشوهوا سمعة الإسلام، وقرنوه بالتخلف والرجعية؟
وكم وكم وكم...؟
أفقطع يد سارق أرحم، أم سفك كل تلك الدماء، وتدمير كل تلك الحيوات، وانتهاك كل تلك الأعراض، وقتل كل تلك الأنفس؟
وهل يعقل أن يشفق أحد على مجرم، ولا يشفق على ضحاياه؟
إلا فإن العدالة هي الرحمة الحقيقة، حتى وإن كان في ظاهرها بعض القسوة على المجرمين.
وتذكروا أننا لا نتكلم هنا عن رجل سرق لقمة ليسد بها جوعه ويحفظ بها رمقه، فعن مثل هذا يسقط الحد، لكننا نتكلم عن شهوانيين جشعين، يسرقون مليارات ممليرة، لا تكفي أعمارهم لإنفاقها وإن طالت وزاد عليها أعمار أبنائهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم، فلا قصورهم العديدة سكنوها، ولا نقودهم الغزيرة أنفقوها، ولا هم تركوها ينتفع بها عباد الله، وإنما أعماهم جنون الاكتناز، والتكاثر المحموم في الأموال والممتلكات، مهما ارتكبوا في سبيل ذلك من جرائم.. ولا علاج لمثل هؤلاء إلا قطع الأيدي، وهذه قمة الرحمة، بردع الكثيرين عن أن يؤولوا مآلهم، فيسلمون من أنفسهم، ويسلم منهم عباد الله.
ألا صدق الله سبحانه، وكذب كل أدعياء الرحمة والإنسانية من اللصوص والمجرمين.
اقطعوا يد مبارك وعصابته علنا، لكي يعود الأمن والرحمة والعدالة إلى مجتمعنا.
محمد حمدي غانم
3/3/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.