تعديلات في اليد، خير من دستور على الشجرة
يبدو أن بعض المصريين طماعون، فهم يريدون أخذ كل شيء دفعة واحدة، وإصلاح كل شيء في لمح البصر بدون تدرج.
وكان هذا سيبدو جميلا ورائعا، لو أن ظروف مصر والمنطقة مستقرة، أو أن هذه المطالب ستتحقق عاجلا.. لكن الكارثة هي أنهم يرفضون المكسب القليل العاجل، طمعا في مكاسب متوهمة آجلة، في ظل الفوضى الشائعة في مؤسسات الدولة حاليا، وانهيار اقتصادي يهدد بإفلاس بلد مدين بترليون جنيه لن نستطيع سد فوائدها، وفي ظل حرب مشتعلة جوارنا في ليبيا قد تنتقل إلى داخل حدودنا الغربية في بضعة أيام إن اقتحمت قوات القذافي بنغازي، مع وجود انفلات أمني في سيناء، وتهديدات من الحدود الجنوبية تضاف إلى انفصال جنوب السودان، ومشاكل حول حصتنا من مياه النيل، واضطرابات في معظم الدول العربية تهدد بعودة ملايين المصريين من الخارج، هذا إضافة إلى كوارث اقتصادية عالمية من تداعيات الأزمة المالية الأمريكية وأزمة ديون أوروبا وزلزال وتسوناني اليابان وما إلى ذلك.
في ظل كل هذا، يؤسفني أن أقول إن الذين يريدون أن يقولوا "لا" في الاستفتاء، سيضيعون من أيدينا مكاسب مضمونة، من أجل أوهام براقة لا تمت للواقع القبيح بصلة، فلا أنا ولا أنتم ولا أي أحد يستطيع أن يجزم ماذا سيكون حال مصر والمنطقة كلها بعد ستة أشهر، ولا إذا ما كنا سنتورط في حرب أو أكثر، يضطر معها الجيش إلى فض المولد وتسليم السلطة إلى رئيس دكتاتوري قسرا لكي يدير البلاد.
لكل هذا أقول: كفاكم طمعا وأحلاما.. اغتنموا الفرصة المتاحة وقولوا نعم، لكي نعيد للدولة شكلها الطبيعي بأسرع وقت ممكن بمجلس نزيه ورئيس محدد المدة، وحتى إن كانت له صلاحيات واسعة في الدستور الحالي، فهي تجعله قادرا على مواجهة التحديات الجسيمة، وسيتم تقلصيها بإذن الله في الدستور الجديد.
هذا هو أفضل ما نحلم به حاليا، قبل أن نجد أنفسنا في مواجهة كوارث من كل حدب وصوب، بلا رئيس وبلا مجالس نيابية وبلا شرطة وبلا اقتصاد، وبلا دولة!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.