ظهرت نتيجة الاستفتاء، وقال 77.2% نعم للتعديلات (أكثر من 14 مليون قالوا نعم من إجمالي 18 مليون مصوت).. وهذه النسبة الكاسحة ترسل رسائل كثيرة لا لبس فيها، منها:
- أن البرادعي لا يملك تأثيرا حقيقيا في الشارع، ولم يستطع حشد الناس وراءه ليقولوا لا.. فكيف يتصور أن يحشد الناس وراءه ليقود دولة؟
- أن الأحزاب السياسية والنخبة المثقفة في واد، والشعب المصري في واد آخر.. وعليهم أن يراجعوا أنفسهم وتوجهاتهم، لينتموا فعليا إلى هذا الشعب، لا إلى أيدلوجيات عفا عليها الزمن مستوردة من أمم بائدة من الشرق والغرب.
- أن الفريق الذي أرادها حربا بين العلمانيين والإسلاميين ارتكب كالعادة نفس حماقات النظام البائد.. فالآن يستطيع أن يقول الإخوان والسلفيون أنهم يمثلون 77.2% من المجتمع المصري باعتراف خصومهم الذين اتهموهم بأنهم المحرضون على قول نعم!.. هذا نوع من الغباء السياسي المستفحل، بمنح الخصم دعاية مجانية لا يحلم بها، ولا يجرؤ هو نفسه على ادعائها.. تماما كما نسب النظام السابق الثورة إلى الإخوان منذ بدايتها وظل يصر على هذا إلى أن سقط!
- أن الناس قلقة من الفراغ الموجود في مؤسسات الدولة، وأن مصالحهم متوقفة، وأنهم يبحثون عن الاستقرار العاجل، فالثورية ليست أن تقول لا لمجرد الرفض وفرض إرادتك على الدولة حتى لو على حساب تدميرها، بل في أن تحسب المكاسب والخسائر وتختار الأصلح للناس جميعا.. والحمد لله أثبتت التجربة أن الجزء الشكلي المهتم بالجدليات القانونية هو الجزء الأقل في مصر، وأن الأغلبية تبحث بالفطرة عما ينفعها، ولا يعنيها مصلح دستور مرقع أو دستور جديد، بل يعنيها في الأساس النتائج الفعلية على أرض الواقع.. وهذا هو التفكير العملي النفعي الذي تقوم عليه الديمقراطيات في العالم كله، حتى إن بعض الدول المتقدمة ليس لديها دستور مكتوب أصلا.
فلعل هذه التجربة وهذه الدروس تفيدنا جميعا، لأن المهمة ما زلت شاقة والمشوار ما زال طويلا، وعلينا أن نحسّن أداءنا ونوحد جهودنا في المرحلة المقبلة لإعادة بناء هذا الوطن، سواء كنا ممن قالوا نعم أو ممن قالوا لا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.