المتابعون للمدونة

السبت، 5 مارس 2011

ثـــورة العقــل

ثـــورة العقــل

لمْ يَعُدِ العالمُ ما كان ولا عمْري عادَ كما كانْ
أشْلاءُ الكُرةِ الأرضيّةِ تتناثرُ عبرَ الأحْزانْ
وأنا مقتولٌ، أجزائي تسبحُ في عشْرةِ أكوانْ
أنفي تغْفو فوقَ حذاءٍ، عينايَ بوجْهِ الشّيطانْ
أذْنايَ بِوَادي الآلامِ، ورُوحي في أعْمقِ بُرْكانْ
ثغْري ما زال يلوكُ الأشعارَ ولا يلْقى اسْتحْسانْ
قدمايَ تدِبّانِ على شوْكِ التّرحالِ بِلا أوطانْ
ويدي يَبِسَتْ حولَ بقايا أملٍ مقطوعِ الأَشْطانْ
ذاكرتي تَتفطَّرُ حُمَمًا تُؤْري نيرانَ الوجْدانْ
قلبي يتعلّقُ بمدارِ فَتاةٍ قتلتْها الأشْجانْ
عقلي.... مهلا!.. يتساءلُ عقلي عن ماذا صرْتُ الآنْ!
هلْ أناْ في أنْفي؟.. في أُذُني؟.. في عيني؟.. في كلِّ مكانْ؟
أمْ أنّي شَبَحٌ؟.. يا ربّي!.. شبحٌ؟!.. هلْ إنْسٌ أمْ جانّْ؟!
شَبَحٌ؟؟.. أتحرّرْتُ أخيرًا؟.. كيفَ وذا عقْلي الخَرْفانْ؟!!
"ابْعُدْ يا ابنَ الوهْمِ وإلا لذبحْتُكَ مثْلَ الخِرْفانْ!"
فارْ تعبَ، فرُحْتُ أُطاردُه أتضاحكُ مثلَ الصبيانْ
فوجدْتُ القُمْقُمَ في وجْهي، يَبْرُقُ بجميعِ الألوانْ
لمْ تَكُنِ الرّيحُ بداخلِه، مفْتوحًا مهْجورًا كانْ
فوقفْتُ هنالِكَ مذْهولا، والصّمْتُ على كوني رانْ
فتسلّلَ عقلي بجواري يَنْزَغُ: "فَلْتَدْخلْه الآنْ"
"القُمْقُمُ لغْزٌ مسْحورٌ رحّالٌ عبْرَ الأزْمانْ"
"ماذا سيكونُ بداخلِه؟.. كَنْزٌ، أمْ حُلْمٌ ولْهانْ؟"
"أشْعارٌ، أمْ حوريّاتٌ تتناثرُ فوقَ الشُّطْآنْ"
"لا شيءَ لديْكَ لتخْسِرَه!.. سِرْ هيّا.. لا تَبْـقَ جبانْ"
أغْراني، فدخلْتُ القُمْـقُمَ، فانغلقَ بدونِ استئذانْ!
وانطبقَ عليّ ليسْحقنَي، وأنا في أشْنعِ إرْنانْ
تتفتّتُ لو للأشْباحِ ضُلوعي، فَتَئِنُّ الأحْزانْ
أتوهّجُ أنفجرُ شظايا تَتَرَهْرَهُ فيها النّيرانْ
أتبخّرُ لأصيرَ رياحًا تَتَخبّطُ بينَ الجُدْرانْ
أنْتهكُ اللّحْظةَ مُنْتظرًا أنْ أنْسفَ دنيا إنسانْ!

المقطع الأخير من قصيدة "الرياح"، من ديوان انتهاك حدود اللحظة
محمد حمدي غانم، 2000

ــــــــــــــــــــــــــــ
الأشْطان : جمع " شَطَن " وهو حبل البئر أو الدابّة.
تتفطّر: تتشقق.
الحُمَم : جمع " حُمَمَة " وهي كلّ ما احترق من النار.. أو الرماد. أمّا " الحِمَم " : فهي جمع " حِمَّة " وهي المَنيَّة ( الموت ).
تؤري: تشعل.
الإرنان : الصراخ.
تترهره : تَرَهْرَهَ السراب : تتابع لمعانُه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر