طاقات مصر المهدرة 2
منذ حوالي عامين أعلن رئيس الوزراء الأسبق د. أحمد نظيف، أن 30% من الشعب المصري يحملون شهادات جامعية.. وهذا معناه أنهم معدون ليكونوا إداريين، فإذا افترضنا أنهم كذلك فعلا وأضفنا إليهم 50% من الشعب الذين هم تحت سن العشرين، فهذا معناه أن 20% من الشعب المصري هم فقط من الشريحة العاملة غير الإدارية.. هذا معناه أن كل اثنين من العاملين يديرهم 3 أفراد!!
لكن الأمور لا تتوقف عند هذا، فكما قلت سابقا فإن جزءا من الشريحة العاملة يعمل في التجارة، كما أن نصف هذه الشريحة نساء منهن ربات بيوت والباقيات يعملن في محلات تجارية أو ما شابه.. وهكذا نجد أنا نصل من مسار آخر إلى نفس نسبة 6% المنتجين إنتاجا حقيقيا في مصر، وهذا يفسر لماذا نستورد 60% من القمح واللحوم و80% من الغذاء عموما، وتقريبا 100% من الآلات والتقنية والسلاح!.. في الواقع نحن نستورد تقريبا ثلاثة أضعاف ما نصدره، وما نستورده أكثر أهمية وخطورة استراتيجيا مما نصدره، لأنه يتضمن أغذية وأدوية ولقاحات وآلات وسيارات وطائرات وتقنيات متطورة وأسلحة.. في ميزان الكيف النسبة أكبر بكثير من ثلاثة أضعاف!
قد نختلف حول دقة نسبة 6% المنتجين في مصر، ولكنها حتى لو وصلت إلى 10% أو 12% فما زالت كارثة.. لا يعقل أن نربي شعبا بالكامل للبحث عن الشهادات الجامعية ليصير طموحه أن يكون موظفا يتمرغ في تراب الميري، ثم ننتظر أن يكون في مصر أي إنتاج.. ولقد شبّه د. نبيل فاروق هذا في أحد مقالاته بجيش كله من الضباط، فكيف يحارب وهو بلا جنود؟
طبعا لا أحد ينفي أهمية الضباط في الجيش، ولا أهمية الإداريين في منظومة الاقتصاد.. لكن الدولة بناء هرمي، وفي مصر هذا الهرم مشوه ومقلوب.
يجب إعادة تخطيط الهرم ليكون على رأسه إداريون لا تزيد نسبتهم عن 10% من الشريحة العاملة (أي 5% من الشعب ككل، لأن نصف الشعب تحت سن العشرين) مع السعي لجعل 45% من الشعب يعملون في المهن الإنتاجية والخدمية والتجارية، على أن تكون النسبة الأكبر للجزء الإنتاجي (الصناعة والزراعة والتعدين والصيد.. إلخ)، وبهذا يكون نصف المجتمع الباقي من ربات البيوت والأطفال.. طبعا أنا معترض على عمل المرأة، لكن هناك نسبة إجبارية من الأرامل والنساء الفقيرات اللاتي يحتجن إلى عمل، ونحن نحتاجهن في مهن نسائية كالتمريض والتوليد والعمل في دور الأيتام وحراسة السجون النسائية وما شابه.. ويجب وضع آلية تأهيل سريعة للاستفادة منهن في هذه المهن بدون المسارات التعليمية العبثية الحالية.
طبعا لا يمكن أن يحدث ما أقترحه هنا إلا إذا أدخلنا كل من هم فوق سن 14 سنة إلى قطاع الإنتاج، وأنا أقول هذا على استحياء لأني أريد البدء في تشغيل الأطفال من سن 10 سنوات ـ كما كان يحدث طوال التاريخ في كل مكان في العالم ـ في أعمال بسيطة كالبيع في المحال التجارية وما شابه، وبهذا ندربهم على التفاعل مع المجتمع، ونوفر جزءا من طاقة الرجال لاستخدامها مهن أشق.
وأقول لمن يستنكرون رؤيتي هذه، إن الفضول يملؤني لمعرفة كيفية حل مشاكل مصر الحالية مع وجود هذا العبء الهائل من العاطلين والمعولين في دولة كل قطاعاتها مدمرة وتحتاج إلى إصلاحها بدءا من الجغرافيا!
ولا يكلمني أحد عن حملات تنظيم الأسرة وما شابه، فقد فشلت فشلا ذريعا طوال الأربعين عاما الماضية، وأنا أقول إنه لولا البطالة والعنوسة لكانت مشكلة السكان أفدح مما هي عليه الآن بكثير، ولو افترضنا جدلا أننا نجحنا بطريقة سحرية في تنشيط الاقتصاد ووفرنا فرص عمل لكل العاطلين وأدى هذا إلى زواج العوانس، فسيحدث انفجار سكاني جديد يلتهم سريعا كل ما ستنتجه الطفرة الاقتصادية المزعومة!.. لا حل إذن إلا بالبدء في تعقيم الناس وإباحة الإجهاض وحرمان الطفل الثاني ومن يلونه من رعاية الدولة، وهو ما كان المعاتيه في نظام مبارك يتكلمون عنه فعلا في آخر عامين.. والسؤال هو: هل يجب صب الناس في قوالب استعبادية بهذا الشكل فقط ليلائموا ما يسمى بالحضارة الغربية؟.. أليست هذه متناقضة فاضحة من متناقضات هذه الحرية المزعومة؟.. وهل المنظومة التعليمية الموجودة حاليا هي النموذج المثالي لحياة أفضل؟.. أم أنها سبب كل هذه الكوارث؟
التفكير وإعادة مساءلة كل ما نظنه مسلمات لم يعد رفاهية، بل مسألة حياة أو موت!
طبعا أنا معترض على عمل المرأة، لكن هناك نسبة إجبارية من الأرامل والنساء الفقيرات اللاتي يحتجن إلى عمل،
ردحذفليه حضرتك معترض علي عمل المرأة؟؟؟
وهي المرأة ما تشتغلش إلا إذا كانت محتاجة للشغل مادياً ؟
مرحبا بك..
ردحذفتفقد الأسرة الثلث الأخير من دورها في تربيّة الأبناء، عندما تعمل الأمّ.. وبهذا يضيع التحكّم (الكنترول بلغة الغرب ما دمنا نعشق لغته!!) من المنزل، ويذوب الصمغ الذي يربط العلاقة الأسريّة، وينتهي الإرشاد الروحيّ والعاطفيّ الذي تقدّمه الأمّ لأبنائها، ويضيع دور المراقبة والمتابعة للأطفال.. ويحلّ محلّ كلّ هذا خادمة أو معلّمة في روضة أطفال، بجانب عصبيّة الأمّ نتيجة الإرهاق والتعب المضاف إليها، والتي تنعكس سلبا على علاقتها بأطفالها وزوجها، وهو ما يجعل نسبة الطلاق أعلى بين النساء العاملات.. فلماذا تترك الأم وظيفتها الأساسية إلى وظيفة هامشية لا قيمة حقيقية لها، دون حاجة مادية قاهرة؟
إضافة إلى هذا، كل امرأة تعمل تؤدي إلى بطالة رجل في المقابل، وهذا يؤدي بالضرورة إلى عنوسة امرأة.. نحن لا نعيش في مجتمع يقل فيه الرجال أو تكثر فيه الوظائف، ولا توجد أي ضرورة ملحة تجعلنا نحتاج إلى تشغيل النساء في كل أنواع الوظائف كما هو مشاهد حاليا بينما الشباب الجامعي محنط على المقاهي، اللهم إلا في بعض المهن التي سبق أن أشرت إليها في المقال.
هذا باختصار شديد.
تحياتي
وجهة نظر تحترم بس مش كل إمرأة عاملة بيتها واولادها بيفقدوها في منهم بيقدر يوفق مابين شغلها وعملها دون أن يتاثر ببيتها او شغلها لأنها محتاجة للشغل معنويا وأعتقد أنه حقها
ردحذفمرحبا:
ردحذفما تقوله ثبت فشله بالتجربة قطعيا في كل مكان في العالم بدليل انهيار الأسرة عالميا بالعنوسة والطلاق، وشيوع الفواحش وزيادة الانحراف النفسي والأخلاقي والجريمة في الأجيال الجديدة.. لهذا فحتى إن وجدت هذه المرأة الخارقة التي تصل إلى الكمال في العمل والبيت (ولا أدري كيف)، فهي لا يقاس عليها.
كما أن موضوع الحاجة إلى الشغل معنويا، هي مجرد غسيل مخ إعلامي تم إفساد فطرة النساء به من كثرة التكرار الاستبدادي بلا نقاش.. لأن أي إنسان عاقل طبيعي يتمنى أن يكون ثريا حر نفسه، وساعتها يمكنه أن يتسلى بلعب بعض الأدوار الاجتماعية أو الفكرية، وإن كانت المرأة تغنيها عنها أمومتها أساسا، ودورها الأسري والعائلي.
لكن أن تستمتع امرأة بالمرمطة يوميا في المواصلات العامة وسط الذئاب الجائعة، لتجلس في مصلحة حكومية عقيمة تتشاجر مع مواطنين يكادون ينفجرون غيظا ـ ولا تختلف في هذا المدارس عن المستشفيات عن غيرها ـ وتسمى هذا تحقيقا للذات واحتياجا معنويا، دون أن يكون الهدف الإجباري الوحيد هو الحاجة إلى المال، فهذا أمر غيرب فعلا.
وفوق كل هذا، كل الإحصائيات التي أتكلم عنها تتناول كارثة أنه لا توجد فرص عمل حقيقية في مصر، وزج النساء في الفرص القليلة المتاحة رغم وجود عشرات البدائل من الرجال، معناه مضاعفة نسبة بطالة الرجال وعنوسة النساء.. وهؤلاء في حاجة معنوية ومادية أكثر منها.
ثم إن انتفت كل الأسباب السابقة، فعمل المرأة ليس قرارها وحدها، ولا قرار زوجها وحده، لأنها تقتطعه من رعاية أبنائها وهم من يقرر إن كانوا يرغبون بوجود أمهم في حياتهم أو لا (إن كانت نكدية مثلا وتكثير من ضربهم :) )، مع ملاحظة أن إهمال رعاية الزوج والأبناء هو ضد كل ما جاء في الإسلام من تشريعات عن المرأة ودورها الذي جعلها مستثناة من صلاة الجماعة والجمعة والحروب لأجله.. فأي عمل هذا الذي هو أهم؟!
أخيرا، من قال إنني أدعو إلى جلوس 40 مليون امرأة في المنزل بلا عمل؟.. يجب أن تعود المرأة المصرية ربة المنزل منتجة كما كانت طوال التاريخ، وأن تحقق أعلى نسبة من الاكتفاء الذاتي في الطعام والملابس والمصنوعات اليدوية، إضافة إلى قدرتها على تعليم فتيات العائلة والحي، والقيام ببعض الأعمال عبر الإنترنت، كالترجمة أو البرمجة أو إدارة خادم Server أو ما شابه.
وبدون هذا أؤكد لك أنه لن تكون هناك دولة لكي يعيش فيها أحد، ناهيك عن أن يحقق فيها ذاته!.. نحتاج الآن إلى أن نحقق ذات مصر وهذا أولى من أن ننظر لأحلام وأوهام كل فرد فيها.. وأول وأخطر ما نفعله في دولة تنهكها الديون ولا تزرع أو تصنع شيئا، هو كيف نعلم الناس بأكفأ وسيلة وبأقل تكاليف، وكيف نفرز العباقرة ونوفر لهم الإمكانيات، وكيف نعيد المرأة إلى دورها الجوهري في مركز التحكم في الأسرة ونقنعها بأنها بهذا تقود أسرة وتصنع أمّة وأنها ليست أمَة، وكيف نوجه طاقات الملايين من الشباب إلى تحدي واقعنا الكئيب بتعمير الصحراء بالزراعة والصناعة واستخراج كنوزها واستغلال شمسها ورملها ومخبوء كنوزها.
وإلا فليخبرني أحد كيف تكون هناك 24 مليون فرصة عمل نزج النساء في نصفها، بينهما في مصر 42 مليون رجل نصفهم في التعليم، و 22 مليون منهم يحتاجون إلى عمل؟!!.. هذا أصلا رغم أني أرى أن هناك 10 مليون رجل آخر تحت سن 22 عاما يجب أن نستغل طاقتهم في العمل بدلا من تعطيلها في تعليم عقيم.. وبالتالي فإن في مصر حوالي 30 مليون رجل و 24 مليون فرصة عمل.. أريد حلا!
فإن قلتم إنشاء المصانع واستصلاح الأراضي، فسأخبركم أن هذا يحتاج إلى عشرات السنين لكي يؤتي ثماره، ما لم نعمل حملة قومية شاملة لتكريس مل ميزانية مصر لهذا الغرض بما في ذلك ميزانية التعليم، ومساهمة الناس بنقودهم في هذه المشاريع بدلا من شراء الأثاث والسلع الاستهلاكية، في حالة عامة من التقشف الحاد لإعادة بناء مصر بالكامل.. وهذا معناه أيضا أنا نحتاج إلى الأم في البيت كبديل للمدرسة لتنفيذ رؤيتي عن تعليم الفتيات منزليا، وتحويل معظم الفتية إلى تعليم حرفي سريع، وإتاحة الفرصة أمام العباقرة للحصول على تعليم أكاديمي متميز.. بدون هذا سنظل نلف في نفس الحلقة المفرغة إلى ما لا نهاية.
باختصار: علينا نسف جبل هائل من الأكاذيب والأوهام رسخه العلمانيون برعاية الاحتلال الفرنسي والإنجليزي في مصر طوال القرنين الماضين، لأنه يجثم على صدر مصر ويمنعها من النهوض.. وبدون هذا سيظل كل ما يفعله حتى الرجال في هذا الوطن مجرد عبث، حتى لو كانوا أطباء ومهندسين ومدرسين ومحامين وقضاة وكتابا ومفكرين، فكلهم في الحقيقة مجرد سواقي تسفي الرمال في صحراء بانتظار من يحفر النهر أولا!!
تحياتي