خدعوك فقالوا: لماذا يسمون أنفسهم بالإسلاميين؟.. ألسنا كلنا مسلمين؟
كثيرا ما يخلط البعض بين المسلم والإسلامي.. المسلم ـ كما هو معروف ـ هو شخص ديانته الإسلام، وليس شرطا أن يكون له أي توجه فكري (أيدلوجي) أو انتماء حزبي.. أما كلمة الإسلامي فهي تشير إلى تيار سياسي فكري يقف ضد العلمانية والتغريب وضياع هوية الأمة، والغريب أن الإسلاميين لم يسموا أنفسهم بهذا، بل إن هذا المصطلح ظهر في الكتابات الغربية عند الحديث عن بعض الحركات الفكرية كالإخوان المسلمين وحزب التحرير والوهابية وغيرها، وترجمه عنهم العلمانيون فشاع.. لكن العجيب في الأمر هو أن العلمانيين هم من يسأل الآن في خبث: لماذا يسمون أنفسهم إسلاميين؟!!.. هل يعني هذا أننا كفار؟!!
وهم بهذا يتجاهلون حقيقة مدهشة، وهي أنه ليس بالضرورة أن يكون الإسلامي مسلما.. فالدكتور رفيق حبيب مثلا يحتل منصبا قياديا في حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين، ومن يتابع كتاباته قبل الثورة يشعر بمدى إنصافه للإسلاميين وانتمائه للحضارة الإسلامية.. وقد كان الزعيم النصراني مكرم عبيد يقولها صريحة: "نحن مسلمون وطناً ونصارى ديناً، اللهم اجعلنا نحن المسلمين لك، وللوطن أنصارا.. اللهم اجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين".. وهو الرجل الوحيد الذي شيع جنازة الشيخ الشهيد حسن البنا بجانب والده، بعد أن منع البوليس السياسي آنذاك الرجال من المشاركة في الجنازة.
إذن فكلمة الإسلامي تضم كل من ينتمون إلى الحضارة الإسلامية وقيمها وثقافتها وتاريخها، وليس فقط من يعتنقون الدين الإسلامي.. بينما العلمانية تضم كل من ينتمون إلى الحضارة الغربية وقيمها وثقافتها، سواء كانوا مسلمين أو نصارى أو يهودا أو ملحدين!!
لهذا ربما يكون أحدنا مسلما، لكنه ليس بالضرورة إسلاميا، لأنه لا ينتمي إلى الحضارة الإسلامية ولا يفهمهما جيدا ولا يثق بجدارتها في قيادة العالم بقيمها الأخلاقية وثقافتها وثرائها الفكري ونضجها الإنساني ورحمتها بالعالمين.
وقد سمعت النصراني العلماني كمال زاخر يقولها صراحة في مواجهة بينه وبين د. محمد عمارة في برنامج مصطفى بكري.. قال زاخر إن الحضارة الإسلامية طبقة من الطبقات التي كونتها الحضارات التي مرت على مصر عبر التاريخ، مثلها مثل الحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية، وأن مصر يجب أن تلحق بركب الحضارة الغربية ولا توقف طويلا عند الحضارة الإسلامية فهي مجرد ماض.. وهذا الكلام يجب أن نأخذه منه كعلماني لا كنصراني، فقد ضربنا المثل بالدكتور النصراني رفيق حبيب الذي يحترم قيم الحضارة الإسلامية ويحتل موقع الرجل الثاني في حزب إسلامي.. كما أن ما قاله كمال زاخر يقوله كل العلمانيين في مصر حتى وإن كانت بطاقاتهم الشخصية تشير إلى أنهم مسلمون!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.