يجب تطبيق الشريعة الإسلامية لإنقاذ اقتصاد مصر
(تعالوا نوفر 100 مليار جنيه سنويا!!)
أعلن وزير المالية أن ديون مصر تجاوزت حاليا ترليون جنيه (ألف مليار جنيه)، وأن الفوائد الربوية على هذه الديون تزيد عن 100 مليار جنيه سنويا، وهذا الرقم يمثل حوالي ثلث ميزانية الدولة، لهذا فإن أعباء خدمة الدين في مصر تلتهم ثلث الميزانية سنويا!
وبسبب هذا العبء الهائل، تتراكم ديون مصر وتتزايد باستمرار، ويزيد عبؤها عاما بعد عام.. مع أن الله سبحانه وتعالى شرع لنا الحل في القرآن الكريم:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {278} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {279})
إذن فالحل بسيط للغاية: تعلن مصر أنها ستطبق الشريعة الإسلامية وتحول اقتصادها إلى اقتصاد إسلامي ومصارفها إلى مصارف إسلامية، وتسقط الربا والفوائد جميعا، وتوفر علينا 100 مليار جنيه سنويا تكفي لعلاج المرضى والارتقاء بالتعليم، وحل مشاكل البطالة!
سيقول قائل: إن هذا سيؤدي إلى الزج بنا في حروب مدمرة مع دول غربية قوية.. وسأجيبه إن الديون الداخلية تمثل 80% من ديون مصر، ويمكننا أن نبدأ أولا بإسقاط فوائد الديون الداخلية، ونتفاوض مع الدول الغربية في الديون الخارجية، علما بأن الفوائد على الديون الداخلية تصل إلى 13% والفوائد على الديون الخارجية تنحصر بين 2% و 5% على الأكثر.. كما أن إسقاط فوائد الديون الداخلية، سيتيح للدولة سداد ديونها الخارجية في ثلاثة أعوام فحسب، وإغلاق ملف الفوائد الربوية نهائيا.
(من المفارقات المضحكة، أن مصر تسدد فوائد خارجية، أكبر من قيمة المعونات التي تتلقاها من أمريكا وأوروبا سنويا.. أي أنهم يمنون علينا بنقودنا، ويتدخلون في سياستنا الداخلية بأموالنا، ويفرضون علينا قوانين ضد ديننا بفلوسنا!!)
سيقول قائل: إن اتخاذ خطوة كهذه سيضر بالاقتصاد المصري.
وسأجيبه: أين هو هذا الاقتصاد المصري المزعوم، وديون الدولة تتراكم عاما بعد عام؟
وفي هذا الصدد يجب أن أوضح هذه الحقيقة:
لكي تسدد الحكومة المصرية فوائد ديونها الداخلية كل عام، فإنها تطبع كميات هائلة من أوراق النقود!!.. وبالتالي تتسبب الحكومة المصرية في حدوث تضخم سنوي (أي انهيار قيمة الجنيه وغلاء الأسعار وارتفاع الضرائب) بمعدل 20%.. بينما الفائدة الربوية التي تعطيها البنوك للمودعين هي 12% فحسب.. أي أن المودع يحصل على فائدة سالبة مقدارها 8%، أي أنه يخسر 8% من القيمة لشرائية لنقوده سنويا!!.. والمصيبة أنه لا يخسر بمفرده، فالتضخم يؤثر على جميع الناس تأثيرا سلبيا ويعقّد حياتهم، بسبب الغلاء والبطالة.. وهذا مصداق لقوله تعالى:
(يمحق الله الربا ويربي الصدقات)
هذه الآية الكريمة تشير إلى مفارقة عجيبة، فالربا في اللغة هو الزيادة، وهو يهدف إلى زيادة مال المقرض بأن يسترد أموالا أكثر من المقترض.. لكن الله سبحانه يقول إنه يمحق الربا، أي يقلله.. بينما الصدقات هي أموال يبذلها المرء تقربا لله، ولا يطلب استردادها مرة أخرى.. لكن الله سبحانه يقول إنه يربيها (أي يزيدها)، وهو نفس ما يقوله الحديث الشريف: "ما نقص مال من صدقة".. فما أغرب هذه الحقيقة!
وقد يظن البعض أن هذه المعاني تتحقق في الآخرة فحسب، بمعنى أن الربا يُنقص من صاحبه يوم القيامة، والصدقة ترفع من صاحبها يوم القيامة.. ولكن التجربة أثبتت أن هذه المعاني تتحقق في الدنيا أيضا، فللربا أثر بالغ في تدمير اقتصاد أي دولة، وللصدقة أثر حميد في تنشيط اقتصادها.
ففي الاقتصاد الربوي، يضمن المرابي أو البنك مكسبه دائما، فالفائدة الربوية واجبة السداد له في كل حال، بينما الشركات ورجال الأعمال المقترضون لا يضمنون المكسب دائما، وعليهم عبء سداد الفائدة الربوية سواء كسبوا أم خسروا.. وعند خسارتهم، لا يسددون الفائدة الربوية، فتضاف إلى أصل الدين وتؤخذ عليها فائدة ربوية مركّبة.. وبعد فترة يضطرون إلى أخذ قروض جديدة لسداد الفوائد الربوية القديمة ومحاولة إنقاذ أعمالهم المتعسرة، فيزداد وضعهم سوءا إلى أن يشهروا إفلاسهم!!
لهذا يقول خبراء اقتصاد عالميون إن الربا على المدى البعيد يؤدي إلى تركز كل رؤوس المال في يد المرابين، وإفلاس كل رجال الأعمال والشركات.. وفي هذه اللحظة تحدث أزمة مالية كالتي شهدتها أمريكا عام 2008 والتي جرّت وراءها أوروبا، وتحولت إلى أزمة اقتصادية عالمية.. وفي هذه الأزمات يعجز المدينون عن السداد، ويتم الحجز على ممتلكاتهم (ورأينا آلاف الأسر الأمريكية تشرد في الشوارع بعد طردها من بيوتها المرهونة)، وتعجز المؤسسات الربوية عن بيع هذه الممتلكات والأصول وتتدنى أسعارها بسبب زيادة المعروض عن الطلب، وفي هذه الحالة تنهار قيم أصول المؤسسات الربوية نفسها، وتعجز عن سداد رواتب موظفيها وفوائد ديون المودعين لديها، فتبدأ في إشهار إفلاسها تباعا كما رأيناه يحدث لشركات الرهن العقاري ثم البنوك في أمريكا وأوروبا!.. وهذا بدوره يؤدي إلى انهيار الشركات المعتمدة على هذه المؤسسات الربوية، كما رأيناه يحدث لشركات السيارات العالمية، مع أزمة بطالة ضخمة وركود اقتصادي يشمل جميع النشاطات بسبب قلة النقود في يد الناس وعجزهم عن الشراء.
وفي مثل هذه اللحظات، يخرج علينا الخبراء ليقولوا لنا إن الحل هو خفض الفائدة إلى أن تصير صفرا أو تكاد، وهي حاليا أقل من نصف في المئة في بنوك أوروبا ووصلت في اليابان إلى 0.2% !!.. كما تتدخل كل دولة لإعادة توزيع المال على الجميع حتى تنشط الاقتصاد، فتقدم المعونات للبنوك المنهارة، وتشتري الكثير من الأصول الميتة، وتزيد الإنفاق العام على المشاريع القومية الضخمة لتنشيط الشركات وسحب البطالة وإنعاش الاقتصاد.
وهذا يبين بوضوح أن الكل يخرج خاسرا بسب الربا: الناس والشركات والدول وحتى المرابون أنفسهم!!
وبالمناسبة: هذه الأزمة المالية تتكرر تقريبا كل سبعين عاما، فقد حدثت مثل هذه الأزمة في الكساد العالمي الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.
وكل هذا هو نتيجة حتمية ومنطقية ومتوقعة لإعلان الدول الحرب على الله تعالى بالتمسك بالربا وحماية المرابين الذين يسرقون قوت الضعفاء والفقراء والمخدوعين.. فهل يمكن أن تكسب أي دولة في حربها مع الله سبحانه:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {278} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {279})
أخيرا: ألفت النظر إلى أن الصدقات (القروض الحسنة) تصل إلى أيدي الفقراء، فتزيد قدرتهم على الشراء، وبالتالي ينشّطون السوق والشركات ودورة الإنتاج، وبالتالي تقل البطالة، وينتعش الاقتصاد، وهذا يعود بالخير على منفق الصدقة، وعلى الجميع، ويبارك الله لهم فيما معهم من نقود.. فصدق الله العظيم سبحانه وتعالى:
(يمحق الله الربا ويربي الصدقات).
فهل سيعترض أحد حينما نذكره بأن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان، وأنها الحل لكل مشاكل العالم وليس مصر والدول الإسلامية فحسب؟
محمد حمدي غانم
5/7/2011
رائع جدا
ردحذفتمنياتنا لكم بالمزيد من التقدم والازدهار