جبهة الثورة المضادة
توجد في مصر جبهة قوية متماسكة تعمل ضد الثورة، على رأسها مؤسسة الأمن القومي (تربية عمر سليمان، الذي يعتبر رسميا نائب الرئيس حتى الآن)، وأمن الدولة (الأمن الوطني حاليا) والشرطة، وقيادات الحزب الوطني وعناصره، وكل رجال الأعمال المنتفعين من عصر مبارك (ولم يحبس منهم إلا أحمد عز بينما جعل ساويرس نفسه بطلا ثوريا وهو أشد منه فسادا)، وكل الإعلاميين والصحفيين والمثقفين العلمانيين من تربية فاروق حسني الذي ما زال حرا طليقا إلى الآن، ويحمي كل هؤلاء ويمولهم أمريكا وأوروبا، بهدف حماية النظام العلماني العميل الذي أرسى قواعده الاحتلال الإنجليزي لمصر، إضافة إلى أجيال من العملاء الجدد من منظمات عقوق الإنسان الممولة أمريكيا.. وسواء كان الجيش جزءا من هذه الجبهة، أم منحازا للشعب والثورة، أم مراقبا محايدا يعمل من أجل حماية ما بقي من الدولة، فإن الجيش مكبل اليدين أمام حجم هذا الفساد وتوحش أذرعه، وسوء الوضع الاقتصادي للدولة، وحاجته إلى المعونات المالية والعسكرية الأمريكية، وحرصه على عدم الدخول في مواجهات تؤدي إلى حرب أهلية داخلية أو مواجهة عسكرية خارجية.
لهذا أقول إن من الخطأ أن نظن أن تطهير مصر دفعة واحدة أمر سهل، أو أن ما سال من دماء حتى الآن هو ثمن كاف لهذا، فالفاسدون متغلغلون في جذور الدولة البوليسية والثقافية والإعلامية والاقتصادية، ومحاولة استئصالهم قد تدمر الدولة نفسها.. كما أن الشعب المصري ليس واعيا بكل أبعاد هذا الفساد، ويظن أن مبارك وبعض نفر حوله هم أس البلاء، وينسون أن مبارك ومن سبقاه كانوا يربون أشباههم ويزرعونهم في كل مفاصل الدولة ولأعمق المستويات!
والأخطر من هذا، أن الشباب الذي جهّله مبارك بتعليمه وإعلامه ووزير ثقافته، يسير ببلاهة خلف منافقي عصر مبارك أو مدعي معارضته، وكلهم يرفض الديمقراطية التي لا تأتي بهم، ويتهم الشعب بالجهل والانخداع لأنه لا يسير وراءهم، ويعلمون جيدا أن الحفاظ على مناصبهم وثرواتهم لا يمكن إلا في ظل دولة عسكرية قمعية، وأن الحرية والعدل يعنيان محاسبتهم وسجنهم والإتيان بمن هم أشرف وأكفأ منهم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.