أيها الشباب: ابنوا أنفسكم واكتسبوا الخبرات أولا
الشاب الذي ما زال في بداية حياته، ويعمل مهندسا أو طبيبا أو محاميا أو غير ذلك، هو في الحقيقة ما زال تحت الاختبار، فلم تتح له الفرصة بعد لإثبات نفسه في مساره المهني واكتساب الخبرات الكافية، ولم تتح لنا نحن الفرصة للحكم عليه.
وقد سألت مهندسا صديقا مرشحا لمجلس الشعب سؤالا منطقيا: كيف ستذهب إلى مجلس الشعب إن نجحت وتترك عملك؟!!
في السن المتقدمة يكون المرء مديرا أو صاحب عمل حر، ويستطيع أخذ إجازة كما يريد، دون أن يخسر خبراته أو يضيع عمله ويدمر مستقبله.. لكن في السن الصغيرة لو عطل المرء نفسه عن مساره المهني بالإجازات المتتالية خلال خمس سنوات من أجل مجلس الشعب، فسيخسر الاثنين معا، لأنه لن يستطيع الجمع بين الأمرين، ولو توقف عن عمله التخصصي فسيفقد الخبرات العملية، ويفقد تطوره الإداري والمهني!
واضح طبعا أن الترشح لمجلس الشعب في هذه السن المبكرة لا يصلح إلا للعاطلين باعتبارها (سبوبة حلوة) وأحسن من الفراغ!
والسؤال هو: أليس من المنطقي أن يجرب الشاب نفسه أولا في انتخابات اتحاد الطلاب في كليته وجامعته؟.. ثم في مجلس إدارة نادي الشباب في منطقته أو قصر الثقافة في محافظته؟.. ثم في المجلس المحلي؟.. ثم في النقابة؟.. ثم أخيرا في مجلس الشعب أو الشورى؟
هل نسينا أن حزب العدالة والتنمية التركي بدأ مساره من المحليات، فأثبت نفسه وحاز ثقة الناخب التركي.. لو كان قفز إلى المسرح السياسي فجأة بدون إثبات نفسه للناس أولا، لكان وئد في مهده.
فلماذا هذا القفز المريض على الخطوات المنطقية؟
وأليس هذا نفس مسلسل تولية الأمانة لمن لا يقدر على تحملها؟
أليست هذه الطريقة العشوائية هي التي أفرزت لنا قيادات العصر البائد في كل المجالات؟
وهل تتقدم الأمم بالعلم والمنهج العلمي والتفكير المنطقي والعمل والمثابرة واكتساب الخبرات، أم بمثل هذه الفهلوة والقفزات البهلوانية؟
من أراد أن يشق طريقه إلى القمة، عليه أن يصعد السلم درجة درجة، ليكتسب الخبرات اللازمة ويكتمل نضوجه وتحنكه التجارب، وليتيح لنا الحكم عليه من خلال تصرفاته وردود فعله وثباته في مواجهة المحن، وذكائه في تجاوز العقبات خلال ذلك.
لكل هذا أرجو أن تساندوني في المطالبة برفع سن الترشح للمحليات والنقابات إلى 35 سنة، وللمجالس النيابية إلى 40 سنة، ولرئاسة الدولة إلى 50 سنة.. بل إني أطالب برفع سن التصويت في الانتخابات من 18 إلى 21 سنة (سن الرشد).
إن مصيركم ومصير أبنائكم ليس لعبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.