احترام نتيجة الاستفتاء
هو المدخل الوحيد إلى الديمقراطية
كيف يظن من يدعون إلى وضع الدستور أولا أن يحدث إجماع وطني بين فرقاء في المرجعيات والتوجهات والرؤى والمصالح؟.. ألم تكن الأمور واضحة بما يكفي في جلسات الخوار الوطني والشقاق القومي؟
إن الذين يريدون وضع الدستور أولا يعرفون أننا لن نتفق على دستور قبل بضع سنوات، يتم فيها تأجيل الانتخابات إلى أن تكون السلطة الاستبدادية قد أعادت تشكيل نفسها وعاد الوضع إلى سابق عهده وظل كل منهم في موقعه محافظا على مكاسبه، بينما تكون دماء الشهداء قد راحت هباء وماتت الثورة وشبعت موتا.
لهذا أقول بمنتهى الوضوح: لن تستمر الثورة إلا إذا حافظنا على المسار الذي حددته الأغلبية في الاستفتاء، وأتى الشعب بمن يمثله في البرلمان واختار رئيسا يدعمه ليواصل عملية تطهير البلاد.
ويجب أن يعي الشباب الذين غرر بهم أبالسة التزييف والتضليل الإعلامي والفكري قولي هذا:
إذا كنتم تريدون الديمقراطية حقا، فعليكم الالتزام بنتيجة الاستفتاء، لأن الخروج على إجماع 77% من الشعب هو الديكتاتورية بعينها حتى لو لم يكن اختيارهم يعجبكم.. فهل سمعتم من قبل بديمقراطية تبدأ بالدكتاتورية؟.. وإذا كانت الأقلية لا ترضى برأي الأغلبية، فهل تظنون أن الأغلبية سترى أن تفرض عليها الأقلية إرادتها؟!!
الفكرة في الديمقراطية أن نتيجة الصندوق ليست الفرصة الأخيرة، فدائما هناك انتخابات تالية، وتالية وتالية....
كل ما عليك هو أن تطور نفسك وتعيد تسويق فكرك بطريقة أفضل لتحشد الناس وراءك.. أما فكرة أن نعطل البلد إلى أن تصير أنت جاهزا فهذه فكرة مدمرة، لأن مصائر الدول لا تنتظر أفرادا ولا أحزابا، ولأنك لن تكون أبدا جاهزا بهذا التدليل على حساب شعب كامل!
كما أن أحدا في مصر لن يرضى بتسلط مجموعة من الشباب المتهور عليه بدلا من تسلط مبارك وعصابته.. فإن كانت الثورة ممكنة على مبارك وحكم الأقلية المستبدة، فإن الثورة مستحيلة على أغلبية الشعب التي اختارت مصيرها في الاستفتاء السابق.
فليحذر إذن الذين يلعبون بالنار، فتجاهل اختيار 77% من الشعب هذه المرة بكل ما ملأهم من حماس بعد الثورة، سيعني انتهاء فكرة تحكيم صندوق الانتخاب في مصر إلى الأبد، وسنكون قد وقعنا على وثيقة حكم البلطجة وسياسة فرض الأمر الواقع وأخذ من يستطيع حقه بيده، واستقواء الفئات الأضعف بقوى خارجية، وسيكون كل هذا مدخلا ممتازا للحرب الأهلية.
الاختيار واضح إذن: إما الصندوق واحترام نتيجة الاستفتاء واختيار الشعب لممثليه وحاكمه، وإما البلطجة والإضرابات والاعتصامات والمظاهرات المستمرة من كل فئة لفرض مصالحها على الجيش والحكومة والشعب، إلى أن يؤدي كل هذا في النهاية إلى الحرب الأهلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.